منطلقا انطلقت وقد ذكر حالها فيما مضى واكتفوا عن إظهار أن بعدهما بعلم المخاطب ان هذين الحرفين لا يضافان الى فعل وأنهما ليسا مما يعمل في الفعل لا يحسن بعدهما الّا ان يحمل على أن فأن هيهنا بمنزلة الفعل في أمّا وما كان بمنزلة أمّا مما لا يظهر بعده الفعل فصار عندهم بدلا من اللفظ بأن ، وأما اللام في قولك جئتك لتفعل فبمنزلة إن في قولك إن خيرا فخير وان شرّا فشر إن شئت أظهرت الفعل هيهنا ، وإن شئت خزلته وأضمرته وكذلك أن بعد اللام ان شئت اظهرته وان شئت أضمرته.
واعلم أنّ اللام قد تجيء في موضع لا يجوز فيها الاظهار وذلك ما كان ليفعل فصارت أن هيهنا بمنزلة الفعل في قولك إياك وزيدا وكأنك اذا مثّلت قلت ما كان زيد لأن يفعل أي ما كان زيد لهذا الفعل بمنزلته ودخل فيه معنى نفي كان سيفعل ، فاذا قال هذا قلت ما كان ليفعل كما كان لن يفعل نفيا لسيفعل وصارت بدلا من اللفظ بأن كما كانت ألف الاستفهام بدلا من واو القسم في قولك الله لتفعلن فلم يذكروا الا أحد الحرفين اذا كان نفيا لما معه حرف لم يعمل فيه شيء ليضارعه فكأنه قد ذكر أن كما أنه اذا قال سقيا له فكأنه قال سقاه الله.
[باب ما يعمل في الافعال فيجزمها]
وذلك لم ولمّا واللام التي في الأمر ، وذلك قولك ليفعل ولا في النهي ، وذلك قولك لا تفعل فانما هما بمنزلة لم.
واعلم أن هذه اللام ولا في الدعاء بمنزلتهما في الأمر والنهي وذلك قولك لا يقطع الله يمينك وليجزك الله خيرا.
واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها في الشعر وتعمل مضمرة وكأنهم شبهوها بأن اذا عملت مضمرة ، وقال الشاعر : [وافر]
(١) محمّد تفد نفسك كلّ نفس |
|
اذا ما خفت من شيء تبالا |
__________________
(٦٠١) الشاهد فيه اضمار لام الأمر في قوله تفد ، والمعنى لتفد نفسك وهذا من أقبح الضرورة لأن الجازم أضعف من الجار وحرف الجر لا يضمر ، وقد قيل هو مرفوع ـ