وكذلك لو قلت مررت به فصوته صوت حمار ، فان قال فاذا صوته يريد الوجه الذي يسكت عليه دخله نصب لأنه يضمر بعد ما يستغني عنه.
[باب ما ينتصب من المصادر لأنه عذر]
لوقوع الامر فانتصب لأنه مرفوع له ولأنه تفسير لما قبله لم كان وليس بصفة لما قبله ولا منه فانتصب كما انتصب الدرهم في قولك عشرون درهما وذلك قولك فعلت ذاك حذار الشّر وفعلت ذاك مخافة فلان وادّخار فلان ، وقال الشاعر (وهو حاتم ابن عبد الله الطائي) : [طويل]
(١) وأغفر عوراء الكريم ادّخاره |
|
وأصفح عن شتم اللّئيم تكرّما |
وقال الآخر (وهو النابغة الذّبياني) : [طويل]
(٢) وحلّت بيوتي في يفاع ممنّع |
|
يخال به راعى الحمولة طائرا |
حذارا على أن لا تصاب مقادتي |
|
ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا |
__________________
ـ من أضل بعيره أحوج ما يكون اليه ، ونخلة موضع بقرب مكة ، وعليها يأخذ الحاج منصرفين بعد انقضاء حجهم ولذلك قال لم تعطف عليه العواطف لأنهم آخذون في الانصراف ومزعجون لمطيهم.
(٢٩٧) الشاهد فيه نصب الادخار والتكرم على المفعول له والتقدير لادخاره وللتكرم ، فحذف حرف الجر ووصل الفعل فنصب ، ولا يجوز مثل هذا حتى يكون المصدر من معنى الفعل المذكور قبله فيضارع المصدر المؤكد لفعله كقولك قصدتك ابتغاء الخير وغفرت ذنبك ادخارا لك لأنه بمنزلة ابتغيت ما عندك بقصدي لك ابتغاء وادخرتك بغفري ذنبك ادخارا ، فان كان المصدر لغير الاول لم يجز حذف حرف الجر لأنه لا يشبه المصدر المؤكد لفعله كقولك قصدتك لرغبة زيد في ذلك لأن الراغب غير القاصد ، ولا يجوز قصدتك رغبة زيد في ذلك* يقول اذا جهل على الكريم احتملت جهله ابقاء عليه وادخارا له وان سبنى اللئيم أعرضت عن شتمه اكراما لنفسي عنه ، والعوراء الكلمة القبيحة أو الفعلة وأصله من العور أو العورة.
(٢٩٨) الشاهد فيه نصب حذار على المفعول له* يقول هذا للنعمان بن المنذر وكان واجدا عليه أي لا أوذيك بهجو ولا ذم وان كنت بحيث لا أخافك وفاء بحق نعمتك وقضاء لما يلزمني من مراعاة أمرك ، واليفاع ما ارتفع من الأرض وجعل راعي الحمولة فيه كالطائر لاشرافه ـ