النفي كما جاز في كلامهم قد عرفت زيد أبو من هو حيث كان معناه أبو من زيد ، فمن أجاز هذا قال إن أحدا لا يقول هذا الّا زيدا كما أنه يقول على الجواز رأيت أحدا لا يقول ذاك الّا زيدا يصير هذا بمنزلة ما أعلم أن أحدا يقول ذاك كما صار هذا بمنزلة ما رأيت حيث دخله معنى النفي ، وان شئت قلت إلّا زيد فحملته على يقول كما جاز يحكي علينا إلّا كواكبها ، وليس هذا في القوة كقولك لا أحد فيها إلّا زيد وأقلّ رجل رأيته إلّا عمرو ، لأن هذا الموضع انما ابتدىء مع معنى النفي وهذا موضع ايجاب وانما جيء بالنفي بعد ذلك في الخبر فجاز الاستثناء أن يكون بدلا من الابتداء حين وقع منفيا ولا يجوز أن يكون الاستثناء أولا لو لم يقل أقلّ رجل ولا رجل لأن الاستثناء لا بدّ له هيهنا من النفي وجاز أن يحمل على ان هنا حيث صارت أحد كأنها منفيّة.
[باب النصب فيما يكون مستثنى مبدلا]
حدثنا بذلك يونس وعيسى جميعا أن بعض العرب الموثوق بعربيته يقول ما مررت بأحد الّا زيدا وما أتاني أحد الّا زيدا وعلى هذا ما رأيت أحدا الّا زيدا فتنصب زيدا على غير رأيت ، وذلك أنك لم تجعل الآخر بدلا من الأول ، ولكنك جعلته منقطعا مما عمل في الأول والدليل على ذلك أنه يجيء على معنى ولكن زيدا ولا أعنى زيدا وعمل فيه ما قبله كما عمل العشرون في الدرهم اذا قلت عشرون درهما ، ومثله في الانقطاع من أوله إنّ لفلان والله مالا الا أنه شقي فأنه لا يكون أبدا على ان لفلان وهو في موضع نصب وجاء على معنى ولكنه شقي.
[باب يختار فيه النصب لأن الآخر ليس من نوع الأول]
وهو لغة أهل الحجاز ، وذلك قولك ما فيها أحد الّا حمارا ، جاؤا به على معنى ولكن حمارا ، وكرهوا أن يبدلوا الآخر من الأول فيصير كأنه من نوعه فحمل على معنى ولكنّ وعمل فيه ما قبله كعمل العشرين في الدرهم وأما بنو تميم فيقولون لا أحد فيها الّا حمار ، أرادوا ليس فيها الّا حمار ولكنه ذكر أحدا توكيدا لأن يعلم أن ليس فيها آدمي ثم أبدل فكأنه قال ليس فيها الّا حمار وان شئت جعلته انسانها قال الشاعر (وهو أبو ذؤيب الهذلي) : [طويل]