[باب ما يكون استثناء بالّا]
اعلم أن إلّا يكون الاسم بعدها على وجهين فأحد الوجهين أن لا تغيّر الاسم عن الحال التي كان عليها قبل أن تلحق كما أنّ لاحين قلت لا مرحبا ولا سلام لم تغيّر الاسم عن حاله قبل أن تلحق فكذلك إلّا ولكنها تجيء لمعنى ، كما تجيء لا لمعنى ، والوجه الآخر أن يكون الاسم بعدها خارجا مما دخل فيه ما قبله عاملا فيه ما قبله من الكلام كما تعمل عشرون فيما بعدها اذا قلت عشرون درهما ، فأما الوجه الذي يكون فيه الاسم بمنزلته قبل أن تلحق إلا فهو أن تدخل الاسم في شيء تنفي عنه ما سواه ، وذلك قوله ما أتاني إلا زيد وما لقيت إلا زيدا وما مررت إلا بزيد ، تجرى الاسم مجراه اذا قلت ما أتاني زيد وما لقيت زيدا وما مررت بزيد ولكنك أدخلت إلا لتوجب الأفعال لهذه الأسماء ولتنفي ما سواها فصارت هذه الأسماء مستثناة ، فليس في هذه الأسماء في هذا الموضع وجه سوى أن تكون على حالها قبل أن تلحق إلّا لأنها بعد إلّا محمولة على ما يجرّ ويرفع وينصب كما كانت محمولة عليه قبل أن تلحق إلّا ولم تشغل عنها قبل أن تلحق إلّا الفعل بغيرها.
[باب ما يكون المستثنى فيه بدلا مما نفي عنه ما أدخل فيه]
وذلك قولك ما أتاني أحد إلّا زيد وما مررت بأحد إلّا عمرو ، وما رأيت أحدا إلّا عمرا ، جعلت المستثنى بدلا من الأول فكأنك قلت ما مررت إلّا بزيد ، وما أتاني إلّا زيد ، وما لقيت إلّا زيدا كما أنك اذا قلت مررت برجل زيد فكأنك قلت مررت بزيد ، فهذا وجه الكلام أن تجعل المستثنى بدلا من الذي قبله لأنك تدخله فيما أخرجت منه الأوّل ، ومن ذلك قولك ما أتاني القوم إلّا عمرو ، وما فيها القوم إلّا زيد وليس فيها القوم إلّا أخوك ، وما مررت بالقوم إلّا أخيك فالقوم هيهنا بمنزلة أحد ومن قال ما أتاني القوم إلّا أباك لأنه بمنزلة قوله أتاني القوم إلّا أباك فانه ينبغي له أن يقول ما فعلوه إلّا قليلا منهم وحدثني يونس أنّ أبا عمرو كان يقول الوجه ما أتاني القوم إلا عبد الله ، ولو كان هذا بمنزلة أتاني القوم لما جاز أن تقول ما أتاني أحد كما أنه لا يجوز