أتاني أحد ، ولكن المستثنى في ذا الموضع مبدل من الاسم الأول ، ولو كان من قبل الجماعة لما قلت ولم يكن لهم شهداء إلّا أنفسهم ولكان ينبغي له أن يقول ما أتاني أحد إلّا قد قال ذاك إلّا زيد لأنه ذكر واحدا ، ومن ذلك أيضا ما فيهم احد اتّخذت عنده يدا إلّا زيد ، وما فيهم خير إلّا زيد اذا كان زيد هو الخير ، وتقول ما مررت بأحد يقول ذاك إلّا عبد الله ، وما رأيت أحدا يقول ذاك إلّا زيدا ، هذا وجه الكلام وان حملته على الاضمار الذي في الفعل فقلت ما رأيت أحدا يقول ذاك إلّا زيد فعربيّ.
قال الشاعر (وهو عديّ بن زيد) : [منسرح]
(١) في ليلة لا نرى بها أحدا |
|
يحكي علينا إلّا كواكبها |
وكذلك ما أظنّ أحدا يقول ذاك إلّا زيدا وإن رفعت فجائز حسن ، وكذلك ما علمت أحدا يقول ذاك إلّا زيدا ، وإن شئت رفعت ، وإنما اختير النصب هيهنا لأنهم أرادوا أن يجعلوا المستثنى بمنزلة المبدل منه وأن لا يكون بدلا إلّا من منفىّ فالمبدل منه منصوب منفي ومضمره مرفوع فأرادوا أن يجعلوا المستثنى بدلا منه لأنه هو المنفي وهذا وصف أو خبر وقد تكلّموا بالآخر لأنّ معناه النفى إذا كان وصفا لمنفي كما قالوا قد عرفت زيد أبو من هو لما ذكرت لك لأنّ معناه معنى المستفهم عنه ، وقد يجوز ما أظنّ أحدا فيها إلا زيد ولا أحد منهم اتّخذت عنده يدا إلّا زيد على قوله إلا كواكبها ، وتقول ما ضربت أحدا يقول ذاك إلا زيدا ، لا يكون في ذا إلا النصب وذلك لأنك أردت في هذا الموضع أن تخبر بموقوع فعلك ولم ترد أن تخبر أنه ليس يقول ذأك إلا زيد ولكنك أخبرت أنك ضربت ممن يقول ذاك زيدا ، والمعنى في الأول أنك
__________________
(٥٤٠) الشاهد فيه رفع الكواكب على البدل من الضمير الفاعل في يحكي لأنه في المعنى منفى ، ولو نصب على البدل من أحد لكان أحسن لأن أحدا منفى في اللفظ والمعنى والبدل منه أقوى* وصف أنه خلا بمن يحب في ليلة لا يطلع فيها عليهما ويخبر بحالهما إلا الكواكب لو كانت ممن تخبر.