أنّ ناسا من العرب يقولون اذن أفعل ذاك في الجواب فأخبرت يونس بذلك فقال لا تبعدنّ ذا ولم يكن ليروى الّا ما سمع ، جعلوها بمنزلة هل وبل ، وتقول اذا حدّثت بالحديث اذن أظنّه فاعلا واذن إخالك كاذبا ، وذلك لأنك تخبر أنك تلك الساعة في حال ظنّ وخيلة فخرجت من باب أن وكي ، لأنّ الفعل بعدهما غير واقع وليس في حال حديثك فعل ثابت ، ولما لم يجز ذا في أخواتها التي تشبّه بها جعلت بمنزلة انما ، ولو قلت اذن أظنّك تريد أن تخبره أنّ ظنّك سيقع لنصبت وكذلك اذن يضربك اذا أخبرت أنه في حال ضرب لم ينقطع.
وقد ذكر لي بعضهم أنّ الخليل قال أن مضمرة بعد اذن ، ولو كانت مما تضمر بعده أن فكانت بمنزلة اللام وحتّى لأضمرتها اذا قلت عبد الله ادن يأتيك ، فكان ينبغي أن تنصب اذن يأتيك لأن المعنى واحد ولم يغيّر فيه المعنى الذي كان في قوله اذن يأتيك عبد الله كما يتغيّر المعنى في حتّى في الرفع والنصب فهذا ما رووا ، وأما ما سمعت منه فالأوّل.
[باب حتّى]
اعلم أنّ حتّى تنصب على وجهين ، فأحدهما أن تجعل الدخول غاية لمسيرك وذلك قولك سرت حتّى أدخلها كأنك قلت سرت الى أن أدخلها فالناصب للفعل هيهنا هو الجارّ في الاسم اذا كان غاية منصوب فالفعل اذا كان غاية منصوب والاسم اذا كان غاية جر ، وهذا قول الخليل ، وأما الوجه الآخر فأن يكون السير قد كان والدخول لم يكن ، وذلك اذا جاءت مثل كي التي فيها اضمار أن وفي معناها ، وذلك قولك كلّمته حتى يأمر لي بشيء.
واعلم أنّ حتّى يرفع الفعل بعدها على وجهين ، تقول سرت حتّى أدخلها ، تعني أنه كان دخول متّصل بالسير كاتّصاله به بالفاء اذا قلت سرت فأدخلها ، وأدخلها هيهنا على قولك هو يدخل وهو يضرب اذا كنت تخبر أنه في عمله لم ينقطع ، فاذا قال حتّى أدخلها فكأنه يقول سرت فاذا أنا في حال دخول فالدخول متّصل بالسير كاتّصاله بالفاء ، فحتّى صارت هيهنا بمنزلة اذا وما أشبهها من حروف الابتداء لأنها لم تجيء على معنى الى أن ولا معنى كي فخرجت من حروف النصب كما خرجت اذن منها في قولك