[باب الامر والنهي]
الامر والنهي يختار فيهما النصب في الاسم الذي يبني عليه الفعل ويبنى على الفعل كما اختير ذلك في باب الاستفهام لانّ الامر والنهي انما هما للفعل كما أنّ حروف الاستفهام بالفعل أولى وكان الاصل فيها أن يبدأ بالفعل قبل الاسم فكذا الامر والنهى لانهما لا يقعان إلا بالفعل مظهرا أو مضمرا ، وهما أقوى في هذا من الاستفهام لأنّ حروف الاستفهام قد تستعمل وليس بعدهما إلا الاسماء كقولك «أزيد أخوك ، ومتى زيد منطلق ، وهل عمرو ظريف» ، والامر والنهى لا يكونان الا بفعل وذلك قولك «زيدا أضربه وعمرا امر ربه وخالدا اضرب أباه وزيدا اشتر له ثوبا» ، ومثل ذلك أما زيدا فاقتله وأما عمرا فاشتر له ثوبا وأما خالدا فلا تشتم أباه وأما بكرا فلا تمرر به ، ومنه زيدا ليضربه عمرو ، وبشرا ليقتل أباه بكر لانه أمر للغائب بمنزلة افعل للمخاطب ، وقد يكون في الامر والنهي أن يبنى الفعل على الاسم وذلك قولك عبد الله اضربه ابتدأت عبد الله ورفعته بالابتداء ونبّهت المخاطب له ليعرفه باسمه ثم بنيت الفعل عليه كما فعلت ذلك في الخبر ، ومثل ذلك أما زيد فاقتله فاذا قلت زيد فاضربه لم يستقم أن تحمله على الابتداء ، ألا ترى أنك لو قلت زيد فمنطلق لم يستقم فهذا دليل على انه لا يجوز أن يكون مبتدأ فان شئت نصبته على شيء هذا تفسيره كما كان ذلك في الاستفهام ، وان شئت على عليك كأنك قلت عليك زيدا فاقتله وقد يحسن ويستقيم أن تقول عبد الله فاضربه اذا كان مبنيّا على مبتدإ مظهر أو مضمر فاما في المظهر فقولك هذا زيد فاضربه ، وان شئت لم تظهر هذا ويعمل كعمله اذا كان مظهرا وذلك قولك الهلال والله فانظر اليه كأنّك قلت هذا الهلال ثم جئت بالامر ، وممّا يدلّك على حسن الفاء هيهنا أنك لو قلت هذا زيد فحسن جميل كان كلاما جيّدا ، ومن ذلك قول الشاعر [طويل]
(١) وقائلة خولان فانكح فتاتهم |
|
وأكرومة الحيّين خلو كما هيا |
__________________
(١٠٥) الشاهد في قوله خولان فانكح فتاتهم فرفع خولان عنده على معنى هؤلاء خولان لامتناعه من أن يكون مبتدأ والفاء داخلة على خبره لانه لا يجوز زيد فمنطلق على الابتداء والخبر والقول عندي أن رفعه على الابتداء والخبر في الفاء وما بعدها لانه في معنى ـ