فهذا سمع من العرب تنشده ، وتقول هذا الرجل فاضربه اذا جعلته وصفا ولم تجعله خبرا وكذلك هذا زيدا فاضربه اذا كان معطوفا على هذا أو بدلا ، وتقول اللّذين يأتيانك فاضربهما تنصبه كما نصبت زيدا وان شئت رفعته على أن يكون مبنيّا على مظهر أو مضمر ، وان شئت كان مبتدءا لأنه يستقيم أن تجعل خبره من غير الأفعال بالفاء ، ألا ترى انك لو قلت الذي يأتيني فله درهم والذي يأتيني فمكرم محمول كان حسنا ، ولو قلت زيد فله درهمان لم يجز ، وانما جاز ذلك لأن قوله الذي يأتيني فله درهم في معنى الجزاء فدخلت الفاء في خبره كما تدخل في خبر الجزاء ومن ذلك قوله عزوجل (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ومن ذلك قولهم «كلّ رجل يأتيك فهو صالح ، وكلّ رجل جاء فله درهمان» لأن معنى الحديث الجزاء ، وأمّا قول عديّ بن زيد : [خفيف]
(١) أرواح مودّع أم بكور |
|
أنت فانظر لأيّ ذاك تصير |
__________________
ـ المنصوب اذا قلت خولان فانكح فتاتهم والفاء داخلة على فعل الامر دلالة على تعلقه بأول الكلام لأن حكم الامر أن يصدر به فمن حيث جازت الفاء مع النصب جازت مع الرفع ولو جاز زيدا فضربت لجاز زيد فضربته وقد بينت علة هذا في كتاب النكت* يقول رب قائلة حضتني على نكاح هذة المرأة من خولان وهي قبيلة من مذحج ، والا كرومة اسم للكرم كالأحدوثة اسم للحدث فوصف المرأة به على معنى ذات اكرومة وضعها موضع كريمة ونسبها الى الحيين كأنه يريد حي أبيها وحي أمها والخلو التي لا زوج لها وقوله كما هي أي كما عهدت بكرا في أول حالتها.
(١٠٦) الشاهد في قوله أنت فانظر وتقديره على ثلاثة أوجه أحدها أن يكون أنت محمولا على فعل مضمر يفسره ما بعده فيكون في المرفوع على حده في المنصوب اذا قلت زيدا فاضربه والوجه الثاني أن يكون مبتدأ وخبره مضمر والتقدير أنت الهالك فانظر ، والوجه الثالث أن يكون خبر مبتدإ مضمر كانه قال الهالك أنت وقد بين سيبويه الاوجه الثلاثة ويجوز عندي أن يكون أنت مبتدأ وخبره فانظر كما هو لأن معنى أنت فانظر وأنت انظر سواء والفاء زائدة مؤكدة لمعنى تعلق الامر بأول الكلام كما بينت في قوله خولان فانكح فتاتهم ويجوز أن يكون التقدير أرواح أنت على معنى أذو رواح أنت* وصف أن الموت لا يفوته شيء ـ