فانه على أن يكون في الذي يرفع على حال المنصوب في الذي ينصب على أنه على شيء هذا تفسيره تقول ترفع أنت على فعل مضمر لان الذي من سببه مرفوع وهو الاسم المضمر الذي في انظر ، وقد يجوز أن يكون أنت على قوله أنت الهالك ، كما يقال اذا ذكر انسان لشيء قال الناس زيد وقال الناس أنت ، ولا يكون على أن تضمر هذا لانك لا تشير للمخاطب الى نفسه ولا تحتاج الى ذلك وانما تشير له الى غيره ، ألا ترى أنك لو أشرت له الى شخصه فقلت هذا أنت لم يستقم ، ويجوز هذا أيضا على قولك شاهداك اي شاهداك ما يثبت لك او ما يثبت لك شاهداك قال الله تعالى (طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ) فهو مثله ، فاما أن يكون أضمر الاسم وجعل هذا خبره فكأنه قال أمرى طاعة وقول معروف أو يكون أضمر الخبر فقال طاعة وقول معروف أمثل.
واعلم أن الدعاء بمنزلة الامر والنهي وانما قيل دعاء لانه استعظم أن يقال أمر او نهي ، وذلك قولك (اللهمّ زيدا فاغفر ذنبه وزيدا فأصلح شأنه وعمرا ليجزه الله خيرا) وتقول (زيدا قطع الله يده وزيدا أمرّ الله عليه العيش) لأن معناه معنى زيدا ليقطع الله يده ، وقال أبو الأسود الدّؤلي : [طويل]
(١) أميران كانا آخياني كلاهما |
|
فكلّا جزاه الله عنّى بما فعل |
ويجوز فيه من الرفع ما جاز في الامر والنهي ويقبح فيه ما يقبح في الامر والنهي ، وتقول أمّا زيد فجدعا له وأمّا عمرا فسقيا له ، لأنك لو أظهرت الذى انتصب عليه سقيا وجدعا لنصبت زيدا وعمرا فاضماره بمنزلة إظهاره كما تقول أمّا زيدا فضربا ، وتقول أمّا زيد فسلام عليه ، وأمّا الكافر فلعنة الله عليه لأن هذا ارتفع بالابتداء ، وأمّا قوله
__________________
ـ وان لم يفجأ رواحا فجيء بكورا ولا بد من المصير الى الهلاك في أحد الوقتين ولم يرد الوقتين خاصة وانما في ليل أو نهار وجعل التوديع للرواح اتساعا والمعني أنت ذو رواح تودع فيه أم ذو بكور ، وهو مثل قوله عزوجل (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) أى يبصر فيه واذا ودع فيه فهو ذو توديع فجرى على لفظ الفاعل لذلك.
(١٠٧) الشاهد في نصب كل باضمار فعل فسره ما بعده كما تقدم* وصف رجلين من امرأة قريش آخياء وأحسنا اليه فدعا لهما بحسن الجزاء.