فقال لأنه قبيح أن تفصل بين أن والفعل كما قبح ان تفصل بين كى والفعل فلمّا قبح ذلك ولم يجز حمل على إن لأنه قد تقدّم فيها الأسماء قبل الأفعال.
[باب ما تكون فيه أن بمنزلة أي]
وذلك قوله عزوجل (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا) زعم الخليل انه بمنزلة أي لأنك اذا قلت انطلق بنو فلان أن امشوا فأنت لا تريد أن تخبر انهم انطلقوا بالمشي ، ومثل ذلك (ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) وهذا تفسير الخليل ومثل هذا في القرآن كثير ، واما قوله كتبت اليه أن افعل وامرته ان قم فيكون على وجهين على أن تكون أن التي تنصب الأفعال ووصلتها بحرف الأمر والنهي كما تصل الذي بتفعل اذا خاطبت حين تقول انت الذي تفعل فوصلت ان بقم لأنه في موضع امر ، كما وصلت الذي بتقول واشباهها اذا خاطبت ، والدليل على انها تكون أن التي تنصب انك تدخل الباء فتقول أو عزت اليه بأن افعل فلو كانت اي لم تدخلها الباء كما تدخل في الأسماء ، والوجه الآخر أن تكون بمنزلة أي كما كانت بمنزلة أي في الأول ، وأما قوله عزوجل (وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وآخر قولهم أن لا إله إلّا الله فعلى قوله أنّه لا إله إلّا الله وعلى أنّه الحمد لله ، ولا تكون أن التي تنصب الفعل لان تلك لا يبتدأ بعدها الأسماء ولا تكون أي لان أي انما تجيء بعد كلام مستغن ولا تكون في موضع المبني على المبتدإ ، ومثل ذلك (وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا) كأنه قال ناديناه أنّك قد صدّقت الرؤيا يا ابراهيم ، وقال الخليل تكون أيضا على أي ، وأما قوله أرسل اليه أن ما أنت وذا فهي على أي ، وان دخلت الباء فهي على أنّك وأنّه كأنه يقول أرسل اليه بأنّك ما أنت وذا ، ويدلك على ذلك أن العرب قد تكلم به في ذا الموضع مثقّلا ومن ذلك (وَالْخامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللهِ عَلَيْها) فكأنه قال أنّه غضب الله عليها لا تخفّفها في الكلام أبدا وبعدها الأسماء إلّا وأنت تريد الثقيلة مضمرا فيها الاسم ، فلو لم يريدوا ذلك لنصبوا كما ينصبون في الشعر اذا اضطرّوا بكأن اذا خففوا يريدون معنى كأنّ ولم يريدوا الاضمار وذلك قوله :