(١) كونوا كمن واسى أخاه بنفسه |
|
نعيش جميعا أو نموت كلانا |
كأنه قال كونوا هكذا إنا نعيش جميعا أو نموت كلانا إن كان هذا أمرنا ، وزعم الخليل أنه يجوز أن يكون نعيش محمولا على كونوا كأنه قال كونوا نعيش جميعا أو نموت كلانا ، وتقول لا تدن منه يكن خيرا لك ، فان قلت لا تدن من الأسد يأكلك فهو قبيح إن جزمت وليس وجه كلام الناس لأنك لا تريد أن تجعل تباعده من الأسد سببا لأكله ، فان رفعت فالكلام حسن كأنك قلت لا تدن منه فانه يأكلك ، وإن أدخلت الفاء فهو حسن ، وذلك قولك لا تدن منه فيأكلك وليس كلّ موضع تدخل فيه الفاء يحسن فيه الجزاء ، ألا ترى أنه يقول ما أتيتنا فتحدّثنا والجزاء هيهنا محال ، وإنما قبح الجزم في هذا لأنه لا يجيء فيه المعنى الذي يجيء اذا أدخلت الفاء ، وسمعنا عربيّا موثوقا بعربيته يقول لا تذهب به تغلب عليه ، فهذا كقوله لا تدن من الأسد يأكلك وتقول ذره يقل ذاك وذره يقول ذاك فالرفع من وجهين فأحدهما الابتداء والآخر على قولك ذره قائلا ذاك فتجعل يقول في موضع قائل ، فمثل الجزم قوله عزوجل (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ) ومثل الرفع قوله (ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) وتقول ائتنى تمشي أي ائتني ماشيا وإن شاء جزمه على أنه إن أتاه مشي فيما يستقبل وإن شاء رفعه على الابتداء ، وقال عزوجل (فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) فالرفع من وجهين على الابتداء وعلى قوله اضربه غير خائف ولا خاش ، وتقول قم يدعوك لأنك لم ترد أن تجعل دعاء بعد قيامه ويكون القيام سببا له ولكنك أردت قم إنه يدعوك وإن أردت ذلك المعنى جزمت وأمّا قول الأخطل : [بسيط]
__________________
(٦٨٢) الشاهد في رفع نعيش على القطع ، والاستئناف كالذي تقدم ، ويجوز حمله على كان والتقدير كونوا عائشين وجاز كونوا نعيش لأن المعنى لنكن نحن وأنتم نعيش جميعا مؤتلفين أو نموت كذلك.