العامل فكذلك هذا فما بعد المبتدأ من هذا الكلام في موضع خبره ، فان قلت زيد كم مرة رأيت فهو ضعيف إلا أن تدخل الهاء كما ضعف في قوله كلّه لم أصنع ، ولا يجوز أن تقول زيدا هل رأيت إلا أن تريد معنى الهاء مع ضعفه فترفع لانك قد فصلت بين المبتدأ وبين الفعل فصار الاسم مبتدأ والفعل بعد حرف الاستفهام ولو حسن هذا أو جاز لقلت قد علمت زيد كم ضرب ولقلت أرأيت زيد كم مرة ضرب على الفعل الآخر فكما لا تجد بدّا من إعمال الفعل الأول ، كذلك لا تجد بدّا من إعمال الابتداء لانك انما تجيء بالاستفهام بعد ما تفرغ من الابتداء ولو أرادوا الاعمال لما ابتدؤا بالاسم ألا ترى أنك تقول : زيد هذا أعمر وضربه أم بشر ، ولا تقول عمرا أضربت فكما لا يجوز هذا لا يجوز ذلك ، فحرف الاستفهام لا يفصل فيه بين العامل والمعمول ثم يكون على حاله اذا جاءت الالف أولا وانما يدخل على الخبر ، ومما لا يكون الا رفعا قولك أأخواك اللذان رأيت لأن رأيت صلة للذين وبه يتمّ اسما فكأنك قلت أأخواك صاحبانا ، ولو كان شيء من هذا ينصب شيئا في الاستفهام لقلت في الخبر زيدا الذي رأيت فنصبت كما تقول زيدا رأيت ، واذا كان الفعل موضع الصفة فهو كذلك وذلك قولك أزيد أنت رجل تضربه وأكلّ يوم ثوب تلبسه فاذا كان وصفا فأحسنه أن يكون فيه الهاء لانه ليس بموضع إعمال ولكنه يجوز كما جاز في الوصل لأنه في موضع ما يكون من الاسم ، ولم تكن لتقول أزيدا أنث رجل تضربه وأنت اذا جعلته وصفا للمفعول لم تنصبه لأنه ليس بمبنى على الفعل ولكن الفعل في موضع الوصف كما كان في موضع الخبر ، فمن ذلك قول الشاعر : [رجز]
(١) أكلّ عام نعم تحوونه |
|
يلقحه قوم وتنتجونه |
__________________
(١٠٢) الشاهد في رفع نعم لان قوله تحوونه في موضع وصفه فلا يعمل فيه لان النعت من تمام المنعوت فهو كالصلة من الموصول فكما لا يعمل فيه لا يكون تفسيرا لفعل مضمر في معناه* وصف قوما بالاستطالة على عدوهم وشن الغارة فيهم فكلما ألقح عدوهم ابلهم أغاروا عليها فنتجت عندهم ، والا لقاح الحمل على الناقة حتى تلقح أي تحمل ، ويقال نتجت الناقة أنتجها وأنتجتها اذا نتجت عندك فكأنك وليت ذلك منها ، ونصب كل عام على الظرف وان كان بعده النعم وهو جثة لان المعنى أتحوون النعم كل عام فالظرف على الحقيقة انما هو للاحتواء لا للنعم ويجوز أن يكون التقدير أكل عام حدوث نعم محوي فحذف اختصارا لعلم السامع كما يقال الليلة الهلال أي طلوعه وحدوثه.