الرفع كما جرى في الاول على مجراه في النصب وهو قولك دفع الناس بعضهم بعضا وكذلك جميع ما ذكرنا اذا أعملت فيه المصدر يجرى مجراه في الفعل.
ومن ذلك قولك عجبت من موافقة الناس أسودهم أحمرهم جرى على قولك وافق الناس أسودهم أحمرهم وتقول سمعت وقع أنيابه بعضها فوق بعض جرى على قولك وقعت أنيابه بعضها فوق بعض ، وتقول عجبت من إيقاع أنيابه بعضها فوق بعض على حدّ قولك أوقعت أنيابه بعضها فوق بعض ، هذا وجه اتّفاق الرفع والنصب في هذا الباب واختيار النصب واختيار الرفع تقول رأيت متاعك بعضه فوق بعض اذا جعلت فوقا في موضع الاسم المبنىّ على المبتدإ وجعلت الاول مبتدءا كأنك قلت رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض ، وفوق في موضع أحسن ، وان جعلته حالا بمنزلة قولك مررت بمتاعك بعضه مطروحا وبعضه مرفوعا نصبته لانك لم تبن عليه شيئا فتبتدئه ، وإن شئت قلت رأيت متاعك بعضه أحسن من بعض فيكون بمنزلة قولك رأيت بعض متاعك الجيّد فتوصله الى مفعولين ، لانك أبدلت فصرت كأنك قلت رأيت بعض متاعك ، والرفع في هذا أعرف لانهم شبهوه بقولك رأيت زيدا أبوه أفضل منه لانه اسم هو للأول ومن سببه كما أن هذا له ومن سببه والآخر هو الاول المبتدأ كما أن الآخر هيهنا هو المبتدأ الاول وان نصبت فهو عربيّ جيد ، فمما جاء رفعا قوله عزوجل (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) ومما جاء في النصب أنا سمعنا من يوثق بعربيته يقول «خلق الله الزّرافة يديها أطول من رجليها» وحدّثنا يونس أنّ العرب تنشد هذا البيت وهو لعبدة بن الطيب : [طويل]
(١) فما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنّه بنيان قوم تهدّما |
وقال رجل من بجيلة أو خثعم : [وافر]
__________________
(١١٦) الشاهد في رفع هلك واحد ونصبه على جعل هلكه بدلا من قيس أو مبتدأ وخبره فيما بعد* رثى في البيت قيس بن عاصم المنقري وكان سيد أهل الوبر من تميم فيقول كان لقومه وجيرته مأوى وحرزا فلما هلك تهدم بنيانهم وذهب عزهم.