تزيغ قلوب فريق منهم) وجاز هذا التفسير لأن معناه كادت قلوب فريق منهم تزيغ كما قلت ما كان الطيب الا المسك على إعمال ما كان الأمر الطيب الا المسك فجاز هذا اذ كان معناه ما الطيب الا المسك ، وقال هشام أخوذي الرّمّة : [بسيط]
(١) هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها |
|
وليس منها شفاء الداء مبذول |
ولا يجوز هذا في ما في لغة أهل الحجاز لأنه لا يكون فيه اضمار ولا يجوز أن تقول ما زيدا عبد الله ضاربا وما زيدا أنا قاتلا لانه لا يستقيم كما لم يستقم أن تقدّم في كان وليس ما يعمل فيه الآخر فان رفعت الخبر حسن حمله على اللغة التّميمية كانك قلت أما زيدا فأنا ضارب كانك لم تذكر أمّا وكأنك لم تذكر ما وكأنك قلت زيدا انا ضارب ، وقال مزاحم العقيلي : [طويل]
(٢) وقالوا تعرفها المنازل من مني |
|
وما كلّ من وافى منى انا عارف |
وقال بعضهم* وما كلّ من وافى منى أنا عارف* لزم اللغة الحجازية فرفع كأنه قال ليس عبد الله أنا عارف فأضمر الهاء في عارف وكان الوجه عارفه حيث لم يعمل عارف في كل وكان هذا أحسن من التقديم والتأخير لأنهم قد يدعون هذه الهاء في كلامهم وفي الشعر كثيرا وذلك ليس في شيء من كلامهم ، ولا يكاد يكون في شعر ، وسترى ذلك ان شاء الله.
__________________
(٥٧) القول فيه كالبيتين قبله لأنه أضمر في ليس وجعل الجملة تفسيرا للمضمر في موضع الخبر* وصف إمرأة يحبها وهي تهجره فيقول وصالها شفاء لما أجده من داء حبها فلو بذلته لشفتني ، وتقدير الاسم المضمر في ليس وليس الأمر الذي هو شفاء دائي مبذولا منها واعرابه كما تقدم.
(٥٨) استشهد به على رفع كل بما اذ لم يمكنه الاضمار فيها لأنها حرف ولو أمكنه الاضمار في ما كما يمكن في ليس لنصب كلا بعارف كما نصب كل النوى بيلقى وحذف الهاء من قوله أنا عارفه وهو ينويها فالتزم رفع كل بما على لغة أهل الحجاز وجعل الجملة بعدها خبرا عنها مع حذف الهاء ضرورة ، ولو جعل ما تميمية لنصب كلا بعارف ولم تكن فيه ضرورة لأن ما في لغتهم غير عاملة فلا يقبح أن يليها ما عمل فيه غيرها* وصف أنه اجتمع بمحبوبته في الحج فجعل يتفقدها فقيل له تعرفها بالمنازل من منى وهي حيث ينزلون أيام رمى الجمار فزعم أنه لا يعرف كل من وافى منى يسأله عنها لانه لا يسأل عنها الا من يعرفه ويعرفها.