كان أو مؤخّرا بالابتداء ويدلك على ذلك أنك تقول إن فيها زيدا فيصير بمنزلة قولك إنّ زيدا فيها لأن فيها لمّا صارت مستقرّا لزيد يستغني به السكوت وقع موقع الأسماء كما أن قولك عبد الله لقيته يصير لقيته فيه بمنزلة الاسم كأنك قلت عبد الله منطلق فصار قولك فيها كقولك استقر عبد الله ثم أردت أن تخبر على أيّة حال استقرّ فقلت قائما فقائم حال مستقر فيها ، وإن شئت ألغيت فيها فقلت فيها عبد الله قائم.
قال النابغة : [طويل]
(١) فبتّ كأني ساورتني ضئيلة |
|
من الرّقش في أنيابها السّمّ ناقع |
وقال الهذليّ : [بسيط]
(٢) لا درّ درّي إن أطعمت ناز لكم |
|
قرف الحتيّ وعندي البرّ مكنوز |
كأنك قلت البرّ مكنوز عندي وعبد الله قائم فيها ، فاذا نصبت القائم ففيها قد حالت بين المبتدإ والقائم ، واستغنى بها فعمل المبتدأ حين لم يكن القائم مبنيّا عليه عمل هذا زيد قائما وانما تجعل فيها اذ ارتفعت القائم مستقرّا للقيام وموضعا له وكأنك لو قلت فيها عبد الله لم يجز عليه السّكوت ، وهذا يدلك على أنّ فيها لا يحدث الرفع أيضا في عبد الله لأنها لو كانت بمنزلة هذا لم تكن لتلغى ، ولو كان عبد الله يرتفع بفيها لارتفع
__________________
(٣٨٦) الشاهد في رفع ناقع خبرا عن السم على الغاء المجرور ولو نصب على الحال والاعتماد في الخبر على المجرور لجاز* وصف خوفه للنعمان بن المنذر ، وأنه يبيت هيبة له مبيت السليم ، والمساورة المواثبة ، والافعى لا تلدغ الا وثبا ، والضئيلة الدقيقة من الكبر وهو أشد لسمها والرقش المنقطعة بسواد والناقع الخالص ، ويقال هو الثابت ، والمستنقع من الماء ما ثبت في القرارة من الارض.
(٣٨٧) الشاهد فيه رفع مكنوز خبرا عن البر على الغاء الظرف ، ولو نصب على الحال لكان حسنا والقول فيه كالقول في الذي قبله* يقول ان استأثرت على ضيفي بالبر وكنزته دونه وأطعمته قرف الحتى فلا اتسع عيشي وضرب مثلا بالدر وأصله في الضرع والحتى سويق تمر المقل وهو الدوم ، وقرفة قشره يريد اللحمة التي على عحمه وكل ما قشرته فقد قرفته ومنه قيل لهذا التابل قرفة لأنه قشر شجرة.