ايّهم قال ذلك معلّقة في الموضعين جميعا وهذه اللام تصرف إنّ الى الابتداء كما تصرف عبد الله الى الابتداء اذا قلت قد علمت لعبد الله خير منك فعبد الله هيهنا بمنزلة إنّ في أنه يصرف الى الابتداء ، ولو قلت قد علمت أنه لخير منك لقلت قد علمت لزيدا خيرا منك ورأيت لعبد الله هو الكريم فهذه اللام لا تدخل على أن ولا على عبد الله الّا وهما مبتدآن ، ونظير ذلك قوله عزوجل (وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) فهو هيهنا مبتدأ ، ونظير انّ مكسورة اذا لحقتها اللام قوله تعالى (وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) وقال ايضا (هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) فإنّكم هيهنا بمنزلة أيّهم اذا قلت ينبّئهم أيّهم افضل ، وقال الخليل مثله (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) فما هيهنا بمنزلة أيّهم ويعلم معلّقة.
قال الشاعر : [طويل]
(١) ألم تر إني وأبن أسود ليلة |
|
لنسري الى نارين يعلو سناهما |
سمعناه ممن ينشده عن العرب ، وسألت الخليل عن قوله أحقا إنّك لذاهب فقال لا يجوز كما لا يجوز يوم الجمعة إنّه لذاهب ، وزعم الخليل ويونس أنه لا تلحق هذه اللام مع كل فعل ألا ترى أنك لا تقول وعدتك انّك لخارج ، انما يجوز هذا في العلم والظنّ ونحوه كما يبتدأ بعدهن أيّهم فإن لم تذكر اللام قلت قد علمت أنه منطلق لا تبتدئه وتحمله على الفعل لأنه لم يجيء ما يضطرّك الى الابتداء وانما ابتدىء إنّ حين كان غير جائز أن تحمله على الفعل فاذا حسن أن تحمله على الفعل لم تخطّ الفعل الى غيره ونظير ذلك قوله ان خيرا فخير وان شرّا فشر حملته على الفعل حين لم يجز أن تبتدىء بعد إنّ الأسماء وكما قلت أما انت منطلقا انطلقت معك حين لم يجز أن تبتدىء الكلام بعد أما فاضطررت في هذا الموضع الى ان تحمل الكلام على الفعل ، فاذا قلت إن زيدا منطلق لم يكن في إنّ الا الكسر لأنك لم تضطر الى شيء ، ولذلك تقول اشهد أنك ذاهب اذا لم
__________________
(٧١٣) الشاهد فيه كسران من اجل اللام والسنا الضوء مقصور وسناء المجد ممدود.