وأما قول الأسود بن يعفر : [بسيط]
(١) أودى ابن جلهم عبّاد بصرمته |
|
إنّ ابن جلهم أمسى حيّة الوادي |
فانما أراد أمّه جلهم والعرب يسمّون المرأة جلهم والرجل جلهمة ، وأما قوله (وهو رجل من بني يشكر)
(٢) لها أشارير من لحم تتمّره |
|
من الثّعالي ووخز من أرانبها |
فزعم أنّ الشاعر لما اضطّرّ الى الياء أبدلها مكان الباء كما يبدلها مكان الهمزة ، وقال أيضا :
(٣) ومنهل ليس له حوازق |
|
ولضفادي جمّه نقانق |
__________________
(٥١٣) الشاهد في قوله جلهم وأنه أراد أمه جلهم فلا ترخيم فيه على هذا لأن العرب سمت المرأة جلهم بغير هاء والرجل جلهمة بالهاء كذا جرى استعمالهم للاسمين وان كان أراد أباه فقد رخم على ما تقدم والقول فيه كالقول في الذي قبله ، والصرمة القطعة من الابل ما بين الثلاثين الى الاربعين ، ومعنى أودي بها ذهب بها ، وقوله أمسى حية الوادي أى يحمي ناحيته ويتقي منه كما يتقي من الحية الحامية لواديها المانعة منه ، والوادي المطمئن من الارض.
(٥١٤) الشاهد فيه ابدال الياء من الباء في الثعالب والأرانب ضرورة ، ووجه ذلك أنه لما اضطر الى اسكان الحرفين لاقامة الوزن وهما مما لا يسكن في الوصل أبدل مكانهما الياء لأنها تسكن في حال الرفع والخفض ، وإنما ذكر سيبويه هذا لئلا يتوهم من باب الترخيم وان الياء زيدت كالعوض لأن المطرد في الترخيم أن لا يعوض من الحرف المحذوف شيء لأن التمام منوي فيه ، ولأن الترخيم تخفيف فلو عوض منه لرجع فيه الى التثقيل* وصف عقابا والأشارير جمع إشرارة وهي القطعة من اللحم يجفف للادخار والميشر ما يجفف عليه اللحم وغيره ومعنى تتمره تجففه واشتقاقه من التمر يريد بقاءه في وكرها حتى يجف لكثرته ، والوخز القطع من اللحم ، وأصل الوخز الطعن الخفيف كأنه يريد ما تقطعه من اللحم بسرعة.
(٥١٥) الشاهد فيه إبدال الياء من العين في الضفادع ضرورة وعلته كعلة الذي قبله والمنهل المورد ، والحوازق الجماعات واحدتها حزيقة فجمعها جمع فاعلة كأن واحدتها حازفة لأن الجمع قد يبني على غير واحده أي هو منهل مقفر لا وارد له ، والجم جمع جمة وهى معظم الماء ومجتمعه ، والنقانق أصوات الضفادع واحدتها نقنقة.