مررت به تفسيره لقيته ونحوها فانما تحمل الاسم على ما يحمل عليه السائل كأنهم قالوا أيّهم أتيت فقلت زيدا. ولو قلت مررت بعمرو وزيدا لكان عربيا فكيف هذا لأنه فعل والمجرور في موضع مفعول منصوب ومعناه أتيت ونحوها فيحمل الاسم اذا كان العامل الأول فعلا وكان المجرور في موضع المنصوب على فعل لا ينقض معناه ، كما قال جرير : [بسيط]
(١) جئني بمثل بنى بدر لقومهم |
|
أو مثل اسرة منظور بن سيّار |
ومثله قول العجاج : [رجز]
(٢) يذهبن في نجد وغورا غائرا
كأنه قال ويسلكن غورا غائرا ، لأن معنى يذهبن فيه يسلكن ، ولا يجوز أن تضمر فعلا لا يصل إلا بحرف جر لأن حرف الجر لا يضمر وسترى بيان ذلك ولو جاز ذلك لقلت زيد تريد مرّ بزيد ، ومثل هذا وحورا عينا في قراءة ابي بن كعب فان قلت قد لقيت زيدا ، وأما عمرو فقد مررت به ولقيت زيدا فاذا عبد الله يضربه عمرو فالرفع إلا في قول من قال زيدا رأيته وزيدا مررت به لأن أمّا واذا يقطع بهما الكلام وهما من حروف الابتداء يصرفان الكلام الى الابتداء إلا أن يدخل عليهما ما ينصب ولا يحمل بواحد منهما آخر على أول كما يحمل بثمّ والفاء ، ألا ترى أنهم قرأو (وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ) وقبله نصب وذلك لأنها تصرف الكلام الى الابتداء إلا ان يقع بعدها
__________________
(٧٨) استشهد به لحمل الاسم المعطوف على موضع الباء وما عملت فيه لأن معنى قوله جثي بمثل بني بدر هاتني مثلهم فكأنه قال هات مثل بني بدر أو مثل اسرة منظور* يخاطب الفرزدق فيفخر عليه بسادات قيس لانهم أخواله وبنو بدر من فزارة وفيهم شرف قيس عيلان ، وبنو سيار من سادات فزارة أيضا وفزارة من ذبيان من قيس وأسرة الرجل رهطه الادنون اليه واشتقاقه من أسرت الشيء اذا شددته وقويته لان الانسان يقوى برهطه على العدو ويعز.
(٧٩) استشهد به لما يجوز بعد حتى في عطف عمل الفعل بعضه على بعض لنصب غورا حملا على موضع نجد وما عمل فيه لان معنى يذهبن في نجد ويسلكن نجدا واحد ، فكأنه قال يسلكن نجدا وغورا غائرا* وصف ظعائن منتجعات يأتين مرة نجدا وهو ما ارتفع مع بلاد العرب ومرة الغور وهو تهامة وهي ما انخفض من بلادها.