عليه ، وسألوه ، فأبى ، فباتوا منه فى ألم عظيم ، وتركوا المال عنده ، فلمّا أصبحوا جاءوا إليه فوجدوا منه ما لم يروه من قبل ، فإنهم لمّا قدموا أنعم عليهم (١) بدفنها وردّ عليهم المال ، فسألوه عن ذلك ، فقال لهم : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى المنام وقال لى : «ردّ على الناس أموالهم وادفنها عندهم» .. ففرحوا بذلك ، وصلّوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلم كثيرا.
ثم إنه دفنها بمنزلها المذكور آنفا بدرب السباع بين مصر والقاهرة ، وكان يوما مشهودا ، وازدحمت الناس فيه ازدحاما عظيما ، وجعل الناس يأتون إلى قبرها من البلاد البعيدة ، ويصلّون عليه ، وصلّى عليه جماعة من علماء مصر وعوامها ورؤسائها .. وخرج زوجها رضى الله عند بعد أيّام قلائل ومعه ولداه (٢) منها ـ القاسم وأم كلثوم ـ إلى المدينة ، وماتوا بها ، وفيهم خلاف ـ أعنى الثلاثة ـ فى دفنهم بالبقيع ، وليس فى قبر السيدة [نفيسة](٣) رضى الله عنها خلاف .. ذكر ذلك الشريف أبو إسحاق إبراهيم بن بللوه النّسّابة ، والشريف محمد بن الأسعد بن على الحسينى النسابة.
قال القضاعى ـ رحمه الله تعالى : أقامت السيدة نفيسة بمصر سبع سنين (٤) ، وحفرت قبرها بيدها فى البيت الذي كانت قاطنة به ، وهو المشهد ، ولعلها لم تفعل ذلك ـ يعنى حفر القبر ـ إلا بأمر النبي ، صلّى الله عليه وسلم ، ولو لا ذلك
__________________
(١) فى «م» : «أنعم لهم».
(٢) فى «م» : «ولديه» خطأ ، والصواب ما أثبتناه.
(٣) من عندنا.
(٤) هكذا فى «م» وفى طبقات الشعرانى أيضا ، وهو مخالف للحقيقة ، فمن المعروف أنها أقامت بمصر خمس عشرة سنة ، حيث قدمت إلى مصر فى ٢٦ رمضان سنة ١٩٣ ه. وكانت وفاتها بها سنة ٢٠٨ ه. [انظر الأعلام ج ٨ ص ٤٤ ، وحسن المحاضرة ج ١ ص ٥١١ ، وتحفة الأحباب للسخاوى ص ١٠٤ ـ ١١٤ ، ووفيات الأعيان ج ٥ ص ٤٢٣ و ٤٢٤ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٢١ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٦٨ ، والخطط التوفيقية ج ٥ ص ٣٠٣ ـ ٣١١ ، وسير أعلام النبلاء ج ١٠ ص ١٠٦ و ١٠٧].