السيدة نفيسة وهى تقول لى : «يا تكين» أكرم الشريف «على» وارجع عن «عفان» فإنه استجار بنا .. فقال له الشريف : هذا (١) عفان بين يديك .. فقال «تكين» : «والله ما رأيته .. يا رب إنّى تائب» فتاب «تكين» من الظلم ، وأخلص فى توبته .. فرأى عفان (٢) ، وقال : أنت عتيق السيدة نفيسة .. وتصدق «تكين» على الفقراء بمال كثير ، وصار يحسن إلى أهل مصر ويقول : كل أهل مصر يخافوننى (٣) ، وأنا أخاف من دعوة عفان عند ضريح السيدة نفيسة ـ وقد أحسن «تكين» شأنه مع أهل مصر ، ولازم زيارة مشهد السيدة نفيسة ، رضى الله عنها ، إلى أن توفى بمصر يوم السبت المبارك ، لستة عشر خلون من شهر ربيع الأول سنة ٣٢١ وهو متولّ (٤) عليها ، وأوصى أن يدفن ببيت المقدس ، فحمل ودفن هناك ، وترك ولده محمدا ، فأقام على طريقة أبيه فى الإحسان .. وتوفى سيدى «عفّان» فى زمن ولايته فى سنة ٣٢٢ ه ودفن فى طريق مصر بمكان معروف ـ رحمة الله عليه ، ونفع ببركاته.
وحكى عن رجل اسمه أبو العز اليمانى قال : كنت فى قومى عزيزا ، وكنت (٥) أكثرهم مالا وعملا وحسبا ، فطالت علىّ النفس حتى صرت لها مطيعا ، ونظرت إلى الخلق بعين الاحتقار ، وأنستنى النفس القدوم على الملك الجبار ، وشغلتنى عن عذاب النار ، فذهب منى المال ، ونقص منى العمل بالطاعة ، التى هى أشرف بضاعة ، وانخفض قدرى ، واشتد كربى ، وعزّانى الصديق ، وفرح فّى الحسود ، فقلت لصديق كان مشفقا علّى : يا أخى ،
__________________
(١) فى «م» : «ها» وهى حرف للتنبيه لا عمل له ، ويتصل غالبا بأسماء الإشارة فتسقط ألفه خطّا ، مثل : هذا ، وهذه ، وهؤلاء ، الخ.
(٢) أى : عندما أخلص النيّة فى توبته أبصره فى الحال بعد أن كان محجوبا عن رؤيته.
(٣) فى «م» : «يخافونى» لا تصح ، والصواب ما أثبتناه.
(٤) فى «م» : «متولى» خطأ.
(٥) فى «م» : «إلّا أنى كنت».