ما ترى فيما (١) نزل بى؟! فقال لى : عليك يا أخى أن تسأل الله بأوليائه الصالحين المقرّبين ، عسى الله أن يذهب عنك هذا الأمر الذي قد نزل بك .. قال : فاعتزلت عن الناس (٢) فى مكان ، فلما كنت فى بعض الليالى نائما متفكرا فى أمرى ، وإذا بى (٣) أرى كأنى فى فضاء واسع (٤) ، ونور ساطع ، تارة يظهر وتارة يختفى (٥) ، فأخذنى العجب من هذا النور الذي يظهر ويختفى (٦)؟ فإذا أنا أسمع قائلا يقول لى : هذا نور السيدة نفيسة .. فقلت : عسى الله أن يجمع بينى وبينها فأسألها (٧) الدعاء بزوال هذه الكربة .. فقيل لى : إنها ميتة .. فقلت : أغتنم بركة زيارتها .. فما أتممت القول حتى سمعت (٨) من يقول : أنا السيدة نفيسة يا فلان .. فارق نفسك .. فقلت : أنا فارقتها فرقة لا عودة لى إليها (٩) ، وإنى تائب إلى الله تعالى .. فقالت لى : «قبلت التوبة إن شاء الله تعالى ، وزالت الحوبة» .. فأصبحت فرحا بما رأيت فى منامى ، وانصلح حالى بعد قليل ، وزادنى الله أضعاف ما كنت فيه ، كل ذلك ببركتها ، رضى الله عنها.
وكان الأستاذ المكنى بأبى المسك بن عبد الله الإخشيدى (١٠) لا يدع
__________________
(١) فى «م» : «ما».
(٢) اعتزل الشّىء ، وعنه : بعد وتنحّى.
(٣) فى «م» : «أنى» ، تصحيف.
(٤) فى «م» : «واسع الفناء».
(٥) فى «م» : «يخفى».
(٦) فى «م» : «فقلت : يا الله ، يا للعجب ، ما هذا النور الذي يظهر ويخفى؟!».
(٧) فى «م» : «واسألها».
(٨) فى «م» : «إلّا وأنا أسمع».
(٩) فى «م» : «فارقتها لاعوة (هكذا) لى فيها».
(١٠) هو أبو المسك كافور بن عبد الله الإخشيدى ، الأمير المشهور ، صاحب المتنبى ، كان عبدا حبشيّا اشتراه الإخشيدى ملك مصر سنة ٣١٢ ه فنسب إليه ، وأعتقه ، فترقى عنده حتى ملك مصر سنة ٣٥٥ ه. وكان فطنا ذكيّا ، حسن السياسة ، وكانت مدة إمارته على مصر اثنتين وعشرين