وسأل عنه ، فدلّ على داره ، فلما طلبه قيل له : قد مضى إلى الفرن يخبز خبزه ، فتعجب النجاب من ذلك ، واستحقره للقضاء ، ولم يكن بدّ (١) من انتظاره ، فجلس عند داره إلى أن جاء من الفرن ومعه الخبز ، فلمّا رآه النجاب قيل له : هذا «بكّار» ، فقام إليه ، وسلّم عليه ، وقال : أنا رسول الخليفة إليك ، فقف حتى أبلغك رسالته .. فقال له «بكار» : ما أقدر على الوقوف معك .. قال : ولم ذلك؟ قال : لأنّ الرّداء الذي علىّ استعرته من والدتى لأمضى حتى أخبز الخبز وأعود ، فقف حتى أستأذنها فى الوقوف معك فيه (٢) ، فدخل داره وأعلم والدته بالقصة ، فأذنت له فى الوقوف معه واستماع ما جاء به .. فخرج إليه ووقف ، فقال له النجاب : الخليفة يسلم عليك ، وقد قلّدك قضاء مصر ، ولا بدّ (٣) من امتثال أمر الخليفة. ثم دفع إليه تقليد القضاء ، فدخل إلى داره وأخرج رغيفين من خبزه فدفعهما إليه وقال : امض فى حفظ الله تعالى .. فتعجب النجاب من ذلك ، ولم يمكنه أن يقول شيئا ، واستحقر الرغيفين من خبزه ، ولم يمكن ردّهما ، ورماهما فى مخلاة معه ، وتهاون بهما (٤) وقال : واخيبة طريقى! ثم مضى حتى أتى الخليفة ، فأعلمه بتسليم التقليد إليه (٥) وقبوله ، وحكى له الخبر من أوّله إلى آخره ، فقال : وما إليه (٥) وقبوله ، وحكى له الخبر من أوّله إلى آخره ، فقال : وما أجازك؟ فضحك وقال : أجازنى رغيفين من خبزه الذي خبزه (٦). فقال له : ائتنى بهما ـ وكان قد فرّط (٧) فى أحدهما ـ فقال : فرّطت فى واحد منهما.
__________________
(١) فى «م» و «ص» : «بدّا» خطأ ، والصواب بالرفع ، اسم «يكن».
(٢) «فيه» عن «ص».
(٣) فى «ص» : «ولا بدّ لك».
(٤) «بهما» عن «ص».
(٥) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فأعلمه بتسليم التقليد إلى الشيخ بكار ، فقال : وما أجازك ..».
(٦) فى «م» : «الذي كان خبزه».
(٧) فرّط : ضيّع وبدّد.