فقال : ائتنى بالآخر ـ فلما جاء به دفع له مائة دينار (١) ويقال : ألف دينار ، وقال : لو جئتنى بالرّغيفين أعطيتك ألفين ، ويقال : مائتين (٢) فبعد مدة رمد النجاب رمدا عظيما أشرف فيه على العمى ، ثم أراد الخليفة أن يرسله برسالة (٣) أخرى ، فاعتذر برمده ، فأمر الخليفة بإحضار مكحلة فيها كحل ، فكحله منها ، فبرئ من ساعته ، ومضى فى رسالة الخليفة (٤) ، فلما عاد قال : يا أمير المؤمنين ، أريد ذلك الكحل تعلمنى (٥) إيّاه ، فقد وجدت فيه شفاء عظيما (٦). فقال الخليفة : هو الرغيف الذي أتيت به من عند القاضى «بكّار» ، جعلنا منه فى أكحالنا وأدويتنا ، فنحن نعافى ببركته! فندم النجاب على ما فرّط.
وكانت ولايته القضاء يوم الجمعة ، فى جمادى الآخرة سنة ٢٤٦ ه.
وكان أحد الفقهاء على مذهب الإمام أبى حنيفة رحمة الله عليه (٧). أخذ الفقه عن هلال بن يحيى بالبصرة. وكان من البكّائين والتّالين لكتاب الله تعالى. وكان إذا فرغ من الحكم خلا بنفسه وعرض عليها جميع ما حكم به ، ثم يبكى ويقول : يا «بكّار» تقدم إليك رجلان فى كذا وكذا ، وحكمت بكذا وكذا ، فما جوابك غدا إذا وقفت بين يدى الله سبحانه وتعالى؟
__________________
(١) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فلما أتاه بالرغيف الباقى دفع له ألف دينار ...».
(٢) قوله : «ويقال : مائتين» عن «م» ولم يرد فى «ص». وفى «طبقات الأولياء» لابن الملقن أن المتوكل جعل الرغيف فى الكحل والأدوية ليستشفى به.
[انظر المصدر المذكور ص ١١٩ ، والكواكب السيّارة ص ٤٩].
(٣) فى «م» : «رسالة». وفى «ص» : «فى رسالة».
(٤) فى «ص» : «ومضى فى رسالته».
(٥) فى «ص» : «أن تعلمنى».
(٦) فى «م» : «شفاء عظيم» خطأ ، والصواب ما أثبتناه. وفى «ص» : «شفاء عظيما لم [أجده] فى غيره».
(٧) فى «م» : «وكان أحد الفقهاء على مذهب أبى حنيفة».