انقطاع السّماع (١) من «بكّار» ، وسألوه أن يأذن له فى الحديث ، ففعل ، فكان يحدّث على ما ذكرنا من طاق فى السّجن. وحديثه مع ابن طولون مستقصى فى سيرته ، فلا حاجة بنا إلى ذكره هاهنا فنخرج عن الغرض المقصود بذلك.
وكان يغتسل فى كل جمعة فى السجن ويكتحل ويلبس ثيابه ويتطيّب ، ثم يصبر (٢) حتى يسمع (٣) النداء بالصلاة ، فيأتى إلى السّجّان ، فيقول له (٤) : ما تريد أيها القاضى؟ فيقول : أريد أن أصلّى الجمعة وأجيب داعى الله وأعود إليك. فيقول : اعذرنى أيها القاضى ، لا قدرة لى على ذلك ، يعسر (٥) علىّ.
فيقول «بكّار» : اللهمّ إنّى أجبت مناديك فمنعت ، اللهمّ فاشهد ، ثم يرجع.
ولمّا اعتلّ أحمد بن طولون (٦) فى شهر شوال سنة سبعين ومائتين ، أمر الناس بالدعاء فى مسجد «محمود» فى سفح الجبل المقطم ، فخرج الناس يوم الاثنين ، لستّ خلون من شوّال السّنة المذكورة ، وخرج معهم محمد بن شاذان الجوهرى ، الذي كان خليفة «بكّار» فى القضاء لمّا سجن ، وخرج اليهود بالتوراة ، والنصارى بالإنجيل ، وسألوا وابتهلوا ودعوا .. فاشتدّ به الألم ، [فدعا](٧) خمارويه وقال له : «اذهب إلى القاضى «بكّار» بن قتيبة ، فإنى
__________________
(١) قوله : «السماع» عن «ص» ولم يرد فى «م». ومعناه : سماع الحديث.
(٢) فى «ص» : «يتمهّل».
(٣) فى «م» : «يستمع».
(٤) فى «ص» : «حتى إذا سمع المنادى ينادى للصلاة أتى إلى السجان ، فيقول له».
(٥) فى «ص» : «يعز». وما أثبتناه عن «م».
(٦) هذه الفقرة عن «م» ، وقد وردت فى «ص» مختصرة هكذا : «ولما اعتل أحمد بن طولون أرسل إلى بكار وقال : أنا أردّك إلى منزلك. فقال بكار : للرسول : قل للأمير : شيخ فإن ، وعليل مدنف ، والملتقى عن قريب ، والحاكم هو الله الواحد القهار». وما بعد هذه الفقرة أثبتناه عن «م» ، حيث لم يرد فى «ص».
(٧) ما بين المعقوفتين زيادة من عندنا ولم ترد فى «م».