فأقام أربعين يوما ، ثم توفى إلى رحمة الله تعالى ، وصلّى عليه ولد أخيه محمد بن الحسين بن قتيبة. وعاش محمد بعد عمّه عشر سنين. وكانت جنازة [بكّار] جنازة حافلة (١) ، اجتمع فيها بشر كثير ، يقال إنهم كانوا يزيدون على خمسين ألف رجل. ودفن بالقرب من مصلى بنى مسكين القديمة ، وحزن لموته الحزن الذي يوازى رؤيتهم به. وكانت ولادته بالبصرة فى سنة اثنتين (٢) وثمانين ومائة ـ وروى فى ذى القعدة سنة سبع وثمانين [ومائة] ـ وقد بلغ تسعا (٣) وثمانين سنة ، وهو مسجون.
ورئى أحمد بن طولون فى المنام بعد موت القاضى «بكّار» ، فقيل له : ما فعل الله بك؟ قال : غفر لى وتجاوز عنى بشفاعة القاضى «بكار». فقيل له : ما فعل الله بك فى شأن الذين قتلوا بإذنك فى قبضتك وحروبك؟ قال : كنت بفعلى ذلك بهم رحمة من الله تعالى لهم ، كان القتل لهم تخليصا من العذاب الشديد ، والشرّ المزيد (٤).
وقيل : إنه مرّ بصبيان (٥) وهم يرجمون مجنونا ، فقال لهم : لم ترجمون هذا؟ فقالوا : هذا يزعم أنه يرى (٦) ربه. فالتفت القاضى إليه وقال : صحيح ذلك (٧)؟ فقال له المجنون : وكأنك من جملة الصبيان؟! فقال له القاضى : إن كنت صادقا فمن أنا؟ قال : أنت «بكّار» بن قتيبة الذي علّقت قيود الناس فى عنقك. قال : صدقت.
__________________
(١) فى «م» : «حفلة» وما بين المعقوفتين من عندنا.
(٢) فى «م» : «اثنين» خطأ لغوى.
(٣) فى «م» : «تسع» خطأ لغوى. وما بين المعقوفتين من عندنا.
(٤) إلى هنا ينتهى الساقط من «ص».
(٥) فى «م» : «بالصبيان» وما أثبتناه عن «ص».
(٦) فى «ص» : «رأى».
(٧) فى «ص» : «صحيح ما يقول هؤلاء الصغار؟».