القرآن ، وتخبزه على سبيل التّبرّك ، فإذا كرهته قطعناه. فقال كافور : والله لا أقطعه ولا يكون قوتى بعد اليوم سواه. فعاد إلى ما كان عليه من إرسال الحلوى والرغيف.
ولما مات كافور ، وملك أبو تميم معدّ بن المنصور العبيدلى المعز (١) ديار مصر على يد عبده القائد جوهر ، وجاء المعزّ بعد ذلك من إفريقية ، وكان يطعن فى نسبه ، فلما قرب من البلد وخرج الناس للقائه ، اجتمع به جماعة من الأشراف ، فقال له من بينهم ابن (٢) طباطبا هذا : إلى من ينسب مولانا؟ فقال له المعزّ : سنعقد لكم مجلسا نجمعكم ونسرد عليكم نسبنا. فلما استقر المعزّ بالقصر جمع الناس مجلسا ، وجلس لهم وقال : هل بقى من رؤسائكم أحد؟ فقالوا : لم يبق أحد. فسلّ عند ذلك نصف سيفه وقال : هذا نسبى. ونثر عليهم ذهبا كثيرا وقال : هذا حسبى. فقالوا جميعا : سمعنا وأطعنا.
وحكت عنه زوجته السيدة خديجة بنت محمد بن إسماعيل بن القاسم الرّسّى ابن إبراهيم طباطبا (٣) ، والآتى ذكرها فيه ، قالت : كانت لنا دار على سيف
__________________
(١) هو : المعز لدين الله معد بن إسماعيل المنصور بن القائم بن المهدى عبيد الله الفاطمى العبيدى ، أبو تميم ، ولد بالمهدية فى المغرب سنة ٣١٩ ه ، وبويع له بالخلافة فى المنصورية بعد وفاة أبيه سنة ٣٤١ ه ، فجهز وزيره القائد جوهرا بجيش كثيف ليفتح ما استعصى عليه من بلاد المغرب ، وانقادت له بلاد إفريقية كلها ، ما عدا «سبتة» فإنها بقيت لبنى أمية (أصحاب الأندلس) وجاءته الأنباء بموت كافور الإخشيدى صاحب مصر ، فأشار المعز إلى القائد جوهر بالسير إلى مصر ، ففتحها سنة ٣٥٨ ه واختط مدينة القاهرة سنة ٣٥٩ ـ ٣٦١ ه ، وسماها القاهرة المعزيّة ، وأقام الدعوة للمعز بمصر والشام والحجاز. ودخل المعز القاهرة فى سنة ٣٦٢ ه فكانت مقر ملكه وملك الفاطميين من بعده. وكانت وفاته سنة ٣٦٥ ه.
[انظر الأعلام ج ٧ ص ٢٦٥ ، وتاريخ الخلفاء للسيوطى ص ٥٩٤]
(٢) فى «م» : «عن» مكان «ابن».
(٣) كانت خديجة هذه زاهدة عابدة ، كثيرة الزهد ، قال عنها زوجها : كانت تسابقنى إلى الصلاة بالليل ، وما رأيتها ضحكت قط ، وتوفيت سنة ٣٢٠ ه ، وصلّى عليها زوجها. وهى مدفونه معه فى القبة تحت رجليه.
[انظر الكواكب السيارة ص ٦١].