ونفى ، فبقى (١) ما شاء الله تعالى إلى أن افتكره الحاكم ذات يوم ، فأمر بإحضاره ، فحضر ، فقال : من دفع لك التوقيع ذلك اليوم؟ فقال : أستاذك ، وقال لى : هذه علامة الحاكم ، فما اتهمته (٢) لما أعلم من قربه منك ، فعلّمت تحتها. فقال : هل تعرف (٣) الأستاذ؟ قال نعم. فأحضر بين يديه جميع الأستاذين (٤) ، فأخرجه من بينهم وقال : هذا هو. فقال للأستاذ : أنت دفعت التوقيع للوزير؟ قال : نعم. قال : من دفعه لك؟ قال : كاتب الجهة ، وسيّرنى على رسالتك إلى الوزير. فأمر بقتلهم ، وأمر بردّ الوزير إلى وزارته ، واعتذر إليه ، فأقام بعد ذلك عشرين سنة فى الوزارة ، وكان إذا أراد أن يكتب يربط القلم فى يده ويكتب (٥).
وفى بعض التعاليق أنه لمّا قطعت يداه جاء إلى باب الديوان فرفسه (٦) برجله وقال : إنّ أمير المؤمنين أدّبنى وما صرفنى. فقيل لأمير المؤمنين ذلك ، فقال : يعاد إلى منصبه. ولم يصرفه ، والله أعلم.
* * *
ثم ترجع إلى مسجد الفتح ، يقال : إنه أول مسجد أسّس عند فتوح مصر ، والدعاء فيه مستجاب.
[ومسجد الفتح بناه سيف الإسلام يانس الرومى ، وزير مصر ، وسمّى بالفتح. فى موضعه انهزم الروم بقصر الشمع. قدّ (٧) للزّبير بن العوام ،
__________________
(١) فى «م» : «فأقام».
(٢) فى «م» : «فما تهمته».
(٣) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «نعم» وهى تصحيف من «تعلم».
(٤) هكذا فى «م» و «ص» وهى صواب.
(٥) إلى هنا انتهى ما قيل عن الجرجانى فى «ص». وكرر فى «م» بعض الجمل التى ذكرت من قبل ، لم نثبتها لتكرارها ، وما سيأتى بعد ذلك عن «م» ولم يرد فى «ص».
(٦) فى «م» : «فرفصه» بالصاد ، خطأ.
(٧) قدّ : قطع.