كثرة الناس على الجنازة (١) ، قال الراوى : فلما أخرج من القارب وحمل على أكتاف الرجال جاءت طيور خضر فاكتنفت الجنازة (٢) ترفرف عليه حتى عطف به عند «حمّام الغار» وغاب عنى ، فذكرت ذلك لأبى يحيى بن هلال بعد زمان ، فقال لى : لقد رأيت مثل هذه الطيور ترفرف على جنازة المزنّى.
وأنشد بعضهم فى ذلك (٣) :
ورأيت أعجب ما رأيت ولم أكن |
|
من قبل ذاك رأيته لمشيّع (٤) |
طيرا ترفرف فوقه وتحفّه |
|
حتّى توارى فى حجاب المضجع |
ثمّ احتجبن عن العيون ولم أحط |
|
علما بكنه مصيرها والمرجع (٥) |
وأظنّها رسل الإله لعبده |
|
ـ والله أعلم ـ فوق ذاك المرجع (٦) |
وتنزّل القطر الذي كنّا نرى |
|
وهبوب تلك الذّاريات الزّعزع (٧) |
إن شئت قل : بكت السّماء لفقده |
|
أو قل : سقته بهيدب لم يقلع (٨) |
__________________
(١) فى «ص» : «على جنازته».
(٢) اكتنفت الجنازة : كانت على يمينها ويسارها.
(٣) فى «م» : «وهو أبو بكر محمد بن ريّان».
(٤) هكذا فى «ص» .. وفى «م» ذكر قبل هذا البيت أربعة أبيات سترد بعد ذلك فى رثاه «المزنى» صاحب الشافعى.
(٥) فى «م» : «احتجبنا» خطأ ، وما أثبتناه هو الصحيح.
[انظر الكواكب السيارة ص ٢٣٥ ، والمكنون فى مناقب ذى النون للسيوطى ص ٧٤].
(٦) هذا البيت عن «ص» ولم يرد فى «م». وفى الكواكب السيارة :
وأظنها رسل الإله تنزلت |
|
والله أعلم فوق ذاك الموضع |
(٧) الذاريات الزعزع : الرياح الشديدة ، وفى رواية : «الوعوع» ، وهى بمعناها. وهذا البيت والذي يليه عن «م».
(٨) فى «م» : «لا يقلع» وما أثبتناه عن «المكنون فى مناقب ذى النون للسيوطى» والهيدب : السحاب المتدلّى الذي يدنو من الأرض ويرى كأنه خيوط عند انصبابه .. وفى رواية أخرى : «بمهذب» وهى بمعنى السيل. وستأتى.