وكانت وفاته سنة خمس وأربعين ومائتين ، وكان اسمه ثوبان بن إبراهيم ، وورعه وزهده لا يخفى. وكان قد وشى به إلى «المتوكل» ، فاستحضره من مصر ، [فلما دخل عليه وعظه ، فبكى وردّه إلى مصر] واستعذر منه (١).
قال يوسف (٢) بن الحسين : سمعت ذا النون (٣) وقد سئل : لم (٤) أحبّ الناس الدنيا؟ فقال : لأنّ الله تعالى جعل الدنيا (٥) خزانة أرزاقهم ، فمدّوا أعينهم إليها.
وقال ابن السّرّاج : قلت لذى النون : كيف كان خلاصك من «المتوكل» وقد أمر بقتلك؟ قال : لمّا أوصلنى الغلام إلى الستر رفعه (٦) وقال لى : ادخل. فنظرت فإذا «المتوكل» فى غلالة ، مكشوف الرأس ، وعبيد الله قائم على رأسه متّكئ على السّيف (٧) ، وعرفت فى وجه القوم الشّرّ ، ففتح لى باب ، فقلت فى نفسى : «يا الله (٨) ، يا من ليس فى السماوات خطرات (٩) ،
__________________
(١) استعذر منه : طلب العذر على ما بدر منه من سوء ظن نحوه. وما بين المعقوفتين عن «ص» وسقط من «م» سهوا من الناسخ.
(٢) فى «م» : «عن يوسف». وجاء اسمه فى الكواكب السيارة ص ٢٣٥ «يونس بن الحسين» وهو خطأ. وهو : يوسف بن الحسين الرّازىّ ، أبو يعقوب ، صحب ذا النون المصرى ، وأبا تراب النخشبى ، ورافق أبا سعيد الخرّاز فى بعض أسفاره ، وكان عالما ديّنا ، وكانت وفاته سنة ٣٠٤ ه.
[انظر ترجمته فى طبقات الصوفية ص ١٨٥ ـ ١٩١ ، وحلية الأولياء ج ١٠ ص ٢٣٨ ـ ٢٤٣ ، وتاريخ بغداد ج ١٤ ص ٣١٤ ـ ٣١٩ ، والرسالة القشيرية ج ١ ص ١٣٧ ، وطبقات الشعرانى ج ١ ص ٩٠ و ٩١ ، وشذرات الذهب ج ٢ ص ٢٤٥].
(٣) فى «م» : «ذو النون» لا يصح ، والصواب ما أثبتناه.
(٤) فى «م» و «ص» : «لما» لا يصح.
(٥) فى «م» : «جعلها».
(٦) فى «م» : «ورفعه».
(٧) فى «م» : «على سيف».
(٨) لفظ الجلالة عن «ص».
(٩) فى «م» : «قطرات» ، وفى الكواكب السيارة : «نظرات».