فعتقته (١) وقالت : «اللهمّ ، إنّه وديعتى عندك ، فقد صلح لك ، وقد وهبته لك».
فخرج من يومه وغاب عنها سنين كثيرة (٢). قال أبو بكر : فلقيته بعد ذلك ، فذكرت له الحكاية ، فبكى بكاء شديدا وقال بالفارسية : واخراب قلباه!! وقال : حججت أنا وأبى من دينور فى ثلاثة أيام.
وقال أبو الحسين بن علىّ : اجتمعت مع جماعة من الصالحين بمكة ، فتذاكرنا (٣) أخبار الصالحين ، إلى أن ذكرنا أبا الحسن (٤) علّى بن سهل الدينورى ، وبقربنا (٥) امرأة عجوز عليها آثار العبادة تسمع كلامنا ، فقالت : بأبى أنت ، هل (٦) رأيت ابن الصّائغ؟ قلت لها : نعم! فأكبّت (٧) على رجلىّ ويدىّ تقبّلها (٨) وقالت : يا بنّى ، شهدت أبا الحسن وهو ابن خمس عشرة سنة (٩) وقد خرج إلى الصحراء ، وحضر حضيرا (١٠) وجلس فيه ، فأقبلت الأمطار (١١) حول الحضير ، وليس فى الحضير نقطة ماء ، فلما اجتمعت به قلت له : تأذن لى أن أسألك عن حكاية؟ قال : نعم. فحكيتها له ، فشخص ببصره إلى السماء ، ثم أقبلت الدموع (١٢) تريد أن تسيل من عينيه وهو يمنعها ، ثم قال : دعنا من هذا وهات ما ننتفع به!
__________________
(١) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «فعانفته».
(٢) قوله : «عنها» عن «ص» .. و «كثيرة» عن «م».
(٣) فى «ص» : «فتذاكروا».
(٤) فى «ص» : «أبو الحسن» خطأ ، وبقية الاسم لم يرد فى «م».
(٥) فى «ص» : «وكان بقربنا».
(٦) أداة الاستفهام «هل» من «م».
(٧) فى «م» : «فاكتب» تحريف.
(٨) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «تقبلهم».
(٩) فى «م» و «ص» : «خمسة عشر سنة» خطأ ، وقد سبق التعليق عليها.
(١٠) الحضير : الموضع الذي يجلب منه الناس الماء.
(١١) فى «ص» : «الأمطار والثلوج».
(١٢) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «فشخص ببصره ساعة وقال ، وأقبلت الدموع ...».