قال : ولقد رأيته يوما وقد خنقته (١) العبرة ، فغمض عينيه يمنعها وقال : ما أشدّ الزكام! ثم غلبته أيضا ، فالتفت لمّا بكى وقال لعينيه : يا (٢) مرائيتان!
وقال أيوب : كان أبو الحسن يجيء إلى النهر وقد جمد من الثلج ، والدّوابّ تمرّ عليه ، فإذا وصل إليه يريد أن يتطهّر نظر (٣) إلى نقرة صغيرة ، وكلّما (٤) مال إليها ذهب البرد منها وثار الحرّ (٥) ، وليس عليه من ذلك أثر. ولقد جئت من ورائه يوما ـ من حيث لا يعلم ـ لأنظر ما يكون من أمره ، فلما وصل إلى النهر هدأ جريانه ، ولم أسمع له صوتا (٦) ، فتقدّمت ، فلما سمع حسّى التفت إليّ وقال : مالك ولهذا؟!
وقال فارس الجمّال : أصابنى فى وجهى ورم شديد فأتيت إليه ، فتفل فى وجهى (٧) ، فأصبحت وليس فى وجهى منه شىء.
وقال أيضا : كنت معه يوما فى سفر ، فلحقنا عطش شديد ، وأتى وقت صلاة الفرض ، فجاءت سحابة وأمطرت حتى ملأت بركة ، فقال لى : اشرب يا عطشان ، فشربت حتى رويت ، وتوضّأت للصلاة.
وقال بعض أصحابه : نزلت مع أبى الحسن إلى البحر ومعى فتى من المتعبّدين ، فجاز أبو الحسن البحر ، فلما رآه الفتى صعق وخرّ مغشيّا عليه ، فملأ أبو الحسن «فياشة» (٨) ولم يكن فيها إلّا ماء البحر (٩) ، ورشّ على الفتى
__________________
(١) فى «ص» : «وقد جاءته».
(٢) سقطت «يا» من «م».
(٣) الفعل : «نظر» عن «م» وساقط من «ص».
(٤) فى «م» : «فكل ما».
(٥) فى «ص» : «ذهب منها البرد وثار منها الحر».
(٦) فى «م» : «صوت» خطأ.
(٧) فى «م» : «على وجهى».
(٨) هكذا فى «ص» .. وفى «م» : «الفياشة» ولم أقف عليها ، ولعلها آنية رقيقة من جلد ونحوه ، كالقربة ، فمادة «فيش» فيها معنى الضعف والرخاوة.
(٩) فى «ص» : «ماء من البحر».