وربّما كان ينظر إلى السماء إذا سئل عن مسألة ، ويجيب كأنّه مشاهد لشىء.
وقال أزهر بن عمّار : رأيت الشيخ وهو قائم يصلّى فى حلقته ، فقلت فى نفسى : «لو صلّى ناحية (١) وجاء إلى الحلقة كان أولى». فلما فرغ من صلاته التفت إليّ وقال : «يا هذا ، مالك وللاعتراض علّى؟!» فكبر فى عينى ولزمته.
وقال ممشاد الدّينورىّ : كان أبو الحسن بن الصّائغ قد انفرد فى الجبل للعبادة ، فخرجت يوما إليه لأفتقده ، وكان يوما حارّا ، فإذا نسر قد نشر جناحيه وهو قريب من مكانه ، فذهبت أنظر تحت النّسر ، فرأيت أبا الحسن قائما يصلى والنّسر يظلّه من الحرّ (٢) : وقال أبو حفص الأسوانى : آخى أبو الحسن بينى وبين أخ لى ، فخرجت أنا وهو إلى السّفر ، فوقع بينى وبينه كلام ، فتهاجرنا ، فلما قدمت قال لى الشيخ : «أتظّنّ أنك فى سفرك خارج عنى؟ أما علمت أنّى أهتمّ بأصحابى فى أسفارهم كاهتمامى (٣) بهم فى حال حضورهم؟ تكلّمت مع صاحبك حتى تهاجرتما .. أتظنّان أنّ أعمالكما ليست تعرض علىّ؟!».
وقال أيضا : خرج لى صاحب بسفر للحجاز ، فذهبت معه لتوديعه (٤) ، وكنت صائما فى ذلك اليوم تطوّعا (٥) ، فأحضر المسافر رغيفا
__________________
(١) أى : خارج حلقته.
(٢) النّسر : بفتح النون وكسرها.
(٣) فى «م» : «باهتمامى».
(٤) فى «م» : «لأجل توديعه».
(٥) فى «م» : «تطوع» ، لا تصح.