حواريّا وقدحا (١) فيه ماء بارد (٢) ، وقال لى : هيّا يا أخى فكل معى ، فإنى لا أعلم هل نجتمع ونأكل معا أنا وأنت أو لا (٣)!
فقلت فى نفسى : إدخال السّرور على أخى أفضل من صيامى تطوعا.
فأكلت ، ثم ودّعته ورجعت ، فمررت بدار الشّيخ ، فقلت : أصعد حتّى أسلّم عليه ، فلما صعدت إليه وسلّمت عليه قال لى : يا فلان ، قلت : لبّيك سيّدى.
قال لى : أفطرت اليوم وأكلت رغيفا حوّاريّا (٤) وشربت الماء البارد؟ قلت : نعم. فنظر إلىّ وقال : ليس هذا عجبا (٥) ، إنما العجب فتياك (٦) لنفسك أنّ إدخالك السّرور على أخيك أفضل من صيامك التوع!
فقلت : هذا علم الغيب. فقال الشيخ : «الويل لك ، ثم الويل لك إن قلت واعتقدت أنّ هذا علم الغيب! أما علمت أنّ أعمال أصحابى تعرض علىّ؟» فوقع الفتى مغشيّا عليه.
ومن كرامات الدّينورىّ أيضا ، قال أبو علىّ الحسين بن عبد الله الأسوانى الزاهد : آخى الشيخ أبو الحسن الدينورى بينى وبين أبى حفص الأسوانى ، فوجدت فى نفسى شيئا ، فشكوته إلى الشيخ ، فقال لى : «لا تفطر معه ، ولا تشرب معه فى كوز واحد ، ولا ترقد فى موضع واحد».
__________________
(١) فى «م» : «وقدح» ، لا تصح ، والصواب ما أثبتناه. والرغيف الحوّارىّ : المصنوع من الدقيق الأبيض. وقد مرّ.
(٢) فى «م» : «باردا» لا تصح ، والصواب بالرفع.
(٣) فى «م» : «يا أخى فإنى لا أعلم هل أجتمع أنا وأنت ونتواكل أو لا».
(٤) فى «م» : «رغيف الحوارىّ».
(٥) فى «م» : «عجب» ، خطأ ، والصواب بالنصب.
(٦) الفتيا : الفتوى.