فأقمنا على ذلك زمانا ، حتى أنّنا إذا كنّا فى مسجد نام أحدنا فى أسفل (١) المسجد والآخر فى أعلى (٢) المسجد ، ويفطر كلّ واحد منا على حدته (٣) ، فعطشت ليلة وليس فى كوزى ماء ، فوجدت كوزه ، فقلت : أشرب ولا أعود ، ترى هل يدرى الدّينورى ويرانا (٤)؟ فشربت ، ووقع فى نفسى الإنكار ، فلما أصبحت غدوت إليه أنا وعمر ، ولم يكن عمر علم بشربى ، لأنه كان نائما ، فلمّا سلّمنا عليه وسألناه عن مسألة ، فقال : «لا تأتيانى ، أنتما لا تصلحان لى ، أنتما لم يكن لى عليكما حكم فى شربة ماء ، ليس بينى وبينكما قرب!».
فهالنا ذلك منه ، فنظر إلينا وقال : «الويل لكما إن قلتما (٥) : إنّ ذا علم غيب».
وقال علىّ بن الخوارزمىّ الفقير (٦) : دخلت حمّام عمرو بن العاص ، رضى الله عنه ، يوم جمعة لغسل الجمعة مع جماعة من الفقراء ، فلما خرجنا رأينا الرّمّان أخضر فى أول مجيئه ، فاشتهاه رجل منّا وقال : اشتروه ، فقال له بعض أصحابنا : «أيش (٧) عزمك ، اليوم الجمعة ، يوم مجلس (٨) ، عزمك أن يتكلّم علينا؟!».
__________________
(١) فى «م» : «سفل».
(٢) فى «م» : «علو».
(٣) أى : بمفرده.
(٤) فى «م» : «ترى الدينورى يرانا ويدرى؟».
(٥) فى «م» : «الويل لكم إن قلتم».
(٦) رويت هذه الحكاية من قبل باختلاف يسير فى ألفاظها مع زيادة طفيفة.
(٧) أيش : أى شىء ، وهى كلمة عربية [انظر المحرر فى غريب كلام العرب للهنائى ص ٢٤٤].
(٨) يعنى : مجلس الشيخ الدّينورى.