وغرسنا نخلا (١). فقال : ما أدرى ، ولكن الله تعالى أغنى أهله عن ذلك بهذا النيل (٢) ولكنّا نجد تحته ما هو خير من ذلك .. قال : وما هو؟ قال : يدفن (٣) تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم .. فقال عمرو : اللهم اجعلنى منهم.
قال حرملة : فرأيت أنا قبر عمرو بن العاص ، وقبر أبى بصرة (٤) الغفارىّ ، وقبر عقبة بن عامر الجهنيّ ، رضى الله عنهم. وقطع عمرو للمقوقس الحدّ الذي كان بين المقبرة وبينهم.
وقد روى فى بعض الأخبار أنّ كعب الأحبار (٥) سأل رجلا يريد مصر ، فقال : أهد لى ترابا من سفح مقطّمها ، فإنّا نجد فى الكتب أن الله قدّسه من القصير إلى اليحموم (٦). فأتاه منه بجراب ، فلما حضرت كعب الأحبار الوفاة ، أمر به أن يفرش تحت جنبه فى قبره.
__________________
(١) قوله : «فلو شققنا فى أسفله نهرا من النيل وغرسنا نخلا» عن «م» ولم يرد فى «ص».
(٢) قوله : «ما أدرى ، ولكن الله تعالى أغنى أهله عن ذلك بهذا النيل» عن «ص» ولم يرد فى «م».
(٣) فى «ص» : «ليدفننّ».
(٤) هكذا فى «م» .. وفى «ص» : «وقبرا فيه أبو بصرة».
(٥) هو كعب بن ماتع الحميرى ، أبو إسحاق ، تابعىّ ، كان فى الجاهلية من كبار علماء اليهود فى اليمن ، وأسلم فى زمن أبى بكر ، وقدم المدينة فى عهد عمر ، فأخذ عنه الصحابة وغيرهم كثيرا من أخبار الأمم الغابرة ، وأخذ هو من الكتاب والسّنّة عن الصحابة ، وخرج إلى الشام ، فسكن «حمص» وتوفى بها سنة ٣٢ ه عن مائة وأربع سنين.
[انظر ترجمته فى الأعلام ج ٥ ص ٢٢٨ ، وحلية الأولياء ج ٥ ص ٣٦٤ ـ ٣٩١ وج ٦ ص ٣ ـ ٤٨ ، وتذكرة الحفاظ ج ١ ص ٥٢ ، ٥٣].
(٦) اليحموم : الأسود المظلم ، وجمعه «يحاميم». وهى هنا الجبال المتفرقة المطلّة على القاهرة بمصر من جانبها الشرقيّ ، وبها جبّانة ، وتنتهى هذه الجبال إلى بعض طريق الجبّ ، وقيل لها «اليحاميم» لاختلاف ألوانها.
[انظر معجم البلدان ج ٥ ص ٤٣١].