الزبعرى بالمثل بعيسى في قوله ، معجبين بفلجه وظهور حجته لضعف إدراكهم لمراتب الاحتجاج.
والتعبير عن قريش بعنوان (قَوْمُكَ). للتعجيب منهم كيف فرحوا من تغلب ابن الزبعرى على النبي صلىاللهعليهوسلم بزعمهم في أمر عيسى عليهالسلام ، أي مع أنهم قومك وليسوا قوم عيسى ولا أتباع دينه فكان فرحهم ظلما من ذوي القربى ، قال زهير :
وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة |
|
على المرء من وقع الحسام المهنّد |
و (من) في قوله (مِنْهُ) على الاحتمالين ليست لتعدية (يَصِدُّونَ) إلى ما في معنى المفعول ، لأن الفعل إنما يتعدّى إليه بحرف (عن) ، ولا أن الضمير المجرور بها عائد إلى القرآن ولكنها متعلقة ب (يَصِدُّونَ) تعلقا على معنى الابتداء ، أي يصدون صدّا ناشئا منه ، أي من المثل ، أي ضرب لهم مثل فجعلوا ذلك المثل سببا للصدّ. وقالوا جميعا : آلهتنا خير أم هو ، تلقفوها من فم ابن الزبعرى حين قالها للنبي صلىاللهعليهوسلم فأعادوها. فهذا حكاية لقول ابن الزبعرى : إنك تزعم أن عيسى نبيء وقد عبدته النصارى فإن كان عيسى في النار قد رضينا أن نكون وآلهتنا في النار.
والاستفهام في قوله : (آلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ) تقريري للعلم بأن النبي يفضل عيسى على آلهتهم ، أي فقد لزمك أنك جعلت أهلا للنار من كنت تفضله فأمر آلهتنا هيّن.
وضمير الرفع في (ما ضَرَبُوهُ) عائد إلى ابن الزبعرى وقومه الذين أعجبوا بكلامه وقالوا بموجبه. وضمير النصب الغائب يجوز أن يكون عائدا إلى المثل في قوله : (وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلاً) ، أي ما ضربوا لك ذلك المثل إلا جدلا منهم ، أي محاجة وإفحاما لك وليسوا بمعتقدين هون أمر آلهتهم عندهم ، ولا بطالبين الميز بين الحق والباطل ، فإنهم لا يعتقدون أن عيسى خير من آلهتهم ولكنهم أرادوا مجاراة النبي في قوله ليفضوا إلى إلزامه بما أرادوه من المناقضة.
ويجوز أن يكون ضمير النصب في (ضَرَبُوهُ) عائدا إلى مصدر مأخوذ من فعل (وَقالُوا) ، أي ما ضربوا ذلك القول ، أي ما قالوه إلا جدلا. فالضرب بمعنى الإيجاد كما يقال : ضرب بيتا ، وقول الفرزدق :
ضربت عليك العنكبوت بنسجها
والاستثناء في (إِلَّا جَدَلاً) مفرّغ للمفعول لأجله أو للحال ، فيجوز أن ينتصب