والفساد.
و (لا خَوْفٌ) مرفوع منون في جميع القراءات المشهورة ، وإنما لم يفتح لأن الفتح على تضمين (من) الزائدة المؤكدة للعموم وإذ قد كان التأكيد مفيدا التنصيص على عدم إرادة نفي الواحد ، وكان المقام غير مقام التردد في نفي جنس الخوف عنهم لأنه لم يكن واقعا بهم حينئذ مع وقوعه على غيرهم ، فأمارة نجاتهم منه واضحة ، لم يحتج إلى نصب اسم (لا) ، ونظيره قول الرابعة من نساء حديث أمّ زرع : زوجي كليل تهامه ، لا حرّ ولا قرّ ولا مخافة ولا سآمة. روايته برفع الأسماء الأربعة لأن انتفاء تلك الأحوال عن ليل تهامة مشهور ، وإنما أرادت بيان وجوه الشبه من قولها كليل تهامة.
وجيء في قوله : (وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ) بالمسند إليه مخبرا عنه بالمسند الفعلي لإفادة التقويّ في نفي الحزن عنهم ، فالتقوي أفاد تقوّي النفي لا نفي قوة الحزن الصادق بحزن غير قوي. هذا هو طريق الاستعمال في نفس صيغ المبالغة كما في قوله تعالى : (وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت : ٤٦] ، تطمينا لأنفسهم بانتفاء الحزن عنهم في أزمنة المستقبل ، إذ قد يهجس بخواطرهم هل يدوم لهم الأمن الذي هم فيه.
وجملة (الَّذِينَ آمَنُوا بِآياتِنا) نعت للمنادى من قوله : (يا عِبادِ) جيء فيها بالموصول لدلالة الصلة على علة انتفاء الخوف والحزن عنهم ، وعطف على الصلة قوله : (وَكانُوا مُسْلِمِينَ). والمخالفة بين الصلتين إذ كانت أولاهما فعلا ماضيا والثانية فعل كون مخبرا عنه باسم فاعل لأن الإيمان : عقد القلب يحصل دفعة واحدة وأما الإسلام فهو الإتيان بقواعد الإسلام الخمس كما جاء تفسيره في حديث سؤال جبريل ، فهو معروض للتمكن من النفس فلذلك أوثر بفعل (كان) الدّال على اتحاد خبره باسمه حتى كأنه من قوام كيانه.
وعطف أزواجهم عليهم في الإذن بدخول الجنّة من تمام نعمة التمتع بالخلة التي كانت بينهم وبين أزواجهم في الدنيا.
و (تُحْبَرُونَ) مبني للمجهول مضارع حبر بالبناء للمجهول ، وفعله حبره ، إذا سره ، ومصدره الحبر بفتح فسكون ، والاسم الحبور والحبرة ، وتقدم في قوله تعالى : (فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) في سورة الروم [١٥].
وجملة (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ) إلخ معترضة بين أجزاء القول فليس في ضمير