للمؤمنين. وقد أوثر بالذكر هنا من الأهوال ما له مزيد تناسب لحال المشركين في تألبهم على مناواة الرّسول صلىاللهعليهوسلم ودين الإسلام ، فإنهم ما ألّبهم إلا تناصرهم وتوادّهم في الكفر والتباهي بذلك بينهم في نواديهم وأسمارهم ، قال تعالى حكاية عن إبراهيم : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) [العنكبوت : ٢٥] وتلك شنشنة أهل الشرك من قبل.
وفي معنى هذه الآية قوله المتقدم آنفا (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) [الزخرف : ٣٨].
و (الْأَخِلَّاءُ) : جمع خليل ، وهو الصاحب الملازم ، قيل : إنه مشتق من التخلل لأنه كالمتخلّل لصاحبه والممتزج به ، وتقدم في قوله : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً) في سورة النساء [١٢٥]. والمضاف إليه (إذ) من قوله : (يَوْمَئِذٍ) هو المعوّض عنه التنوين دلّ عليه المذكور قبله في قوله : (مِنْ عَذابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ) [الزخرف : ٦٥].
والعدوّ : المبغض ، ووزنه فعول بمعنى فاعل ، أي عاد ، ولذلك استوى جريانه على الواحد وغيره ، والمذكر وغيره ، وتقدم عند قوله تعالى : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) في سورة النساء [٩٢].
وتعريف (الْأَخِلَّاءُ) تعريف الجنس وهو مفيد استغراقا عرفيا ، أي الأخلّاء من فريقي المشركين والمؤمنين أو الأخلاء من قريش المتحدّث عنهم ، وإلّا فإن من الأخلاء غير المؤمنين من لا عداوة بينهم يوم القيامة وهم الذين لم يستخدموا خلتهم في إغراء بعضهم بعضا على الشرك والكفر والمعاصي وإن افترقوا في المنازل والدرجات يوم القيامة.
و (يَوْمَئِذٍ) ظرف متعلق بعدوّ ، وجملة (يا عِبادِ) مقولة لقول محذوف دلت عليه صيغة الخطاب ، أي نقول لهم أو يقول الله لهم. وقرأ الجمهور يا عبادي بإثبات الياء على الأصل. وقرأه حفص والكسائي بحذف (ياء) المتكلم تخفيفا. قال ابن عطية قال أبو علي : وحذفها حسن لأنها في موضع تنوين وهي قد عاقبته فكما يحذف التنوين في الاسم المفرد المنادى كذلك تحذف الياء هنا.
ومفاتحة خطابهم بنفي الخوف عنهم تأنيس لهم ومنة بإنجائهم من مثله وتذكير لهم بسبب مخالفة حالهم لحال أهل الضلالة فإنهم يشاهدون ما يعامل به أهل الضلالة