سبب ما فعله الحجاج من التغيير : ولم يصنع الحجاج ما صنع إلا بعد اجتهاده وبحثه مع القرّاء والفقهاء المعاصرين له . وبعد اجماعهم على أن جميع ذلك قد حدث من تحريف الكُتّاب والناسخين (١) ، الذين لم يريدوا تغييرا ولا تبديلا ، وإنما حدث بعض ما حدث لجهلهم بأصول الكتابة وقواعد الإملاء والبعض الآخر لخطأ الكاتب في سماع ما يملى عليه ، والتباسه فيما يتلى عليه .
ولا يتنافى هذا مع قوله جل شأنه ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (٢) . لأن المراد بالحفظ مفهوم الألفاظ لا منطوقها (!!) لأن الألفاظ ما صيغت إلا ليستدل بها على معان مخصوصة قصد بها أوامر ، ونواه وعبادات ، ومعاملات ، وجميعها مصان محفوظ ، مهما تقادم الدهر ، وتطاول العمر (٣) .
وقال ابن الخطيب في فصل (التناقض الموجود في رسم المصحف) من كتابه الفرقان :
قصور كاتب المصحف في الهجاء : وعلم الله تعالى أن هذا الرسم لم
___________
(١) هذا ابن الخطيب إدعى إجماع علماء أهل السنة على تحريف القرآن في زمن الحجاج ، فهل يلزم الشيعة أهل السنة بهذا الإجماع الذي ادّعاه عالمهم ، كما ألزم الوهابيون الشيعة بإجماع أطلقه بعض الشيعة ولا أساس له من الصحة ؟! .
(٢) الحجر : ٩ .
(٣) الفرقان لابن الخطيب : ٥٠ ـ ٥٢ ، ط . دار الكتب العلمية .