يناقض بعضه بعضا إلا لتوهم الكاتب للمصحف الأوّل (١) وقصوره في فن الهجاء وخطئه ـ نعم أقولها واضحة جلية بدون مواربة ، فالحق لا يقبل المحاباة ولا المداجاة ـ لأن ذلك الكاتب من البشر ، وسائر البشر يجوز في حقهم السهو ، والخطأ ، والنسيان ، والقصور ، وقد قال بذلك ، عائشة ، وابن عباس وغيرهما من فضلاء الصحابة الذين أخذنا عنهم الشريعة ، الدين والقرآن (٢) .
وقال ابن الخطيب في موضع آخر : وليس ما قدمناه من لحن الكُتّاب في المصحف بضائره ، أو بمشكك في حفظ الله تعالى له ، بل إن ما قاله ابن عباس وعائشة وغيرهما من فضلاء الصحابة وأجلاء التابعين ، أدعى لحفظه وعدم تغييره وتبديله (٣) .
جواز الخطأ على كُتّاب المصحف : ومما لا شك فيه أن كُتّاب المصاحف من البشر ، ويجوز عليهم ما يجوز على سائرهم من السهو والغفلة والنسيان والعصمة لله وحده . وقد اختلفوا في عصمة الأنبياء ، والقول الراجح أنهم معصومون فيما يتعلق برسالاتهم فقط ، أما ما عداها فشأنهم كشأن بقية البشر . ومثل لحن الكُتّاب كلحن المطابع ، فلو أن إحدى المطابع طبعت
___________
(١) قصد الصحابة الذين كتبوا المصحف .
(٢) الفرقان لابن الخطيب : ٨٣ ـ ٨٤ ، ط . دار الكتب العلمية .
(٣) يزعم أن هؤلاء الصحابة والتابعين قد أرشدونا إلى أماكن الخطأ واللحن .