ولا تعجب عند سماعك بأنّ (إنشتاين) كان يعتقد بأنّ العلماء والمكتشفين العظام كانوا جميعاً يؤمنون نوعاً ما بوجود المبدئ العليم ، وبحكمة الوجود ، وهذا الأمر هو الذي كان يشجعهم على بذل مساعٍ أكبر.
ب) إنّ الاعتقاد بحكمة الله تعالى في التشريع والتقنين يهوّن الصّعاب الموجودة في تعاليم تلك الشرائع ، ويلتذ الإنسان في تحمل الشدائد في طريق امتثال أوامره سبحانه ، لأنّه يدرك بأنّ جميع هذه البرامج والقوانين صادرة من ذلك الحكيم العظيم. فتجويزه سبحانه وتعالى دواءً مُراً مثلاً ، إنّما هو لدور ذلك الدواء في شفاء الإنسان ، وتشريعه لتكليف شاق معين ، إنّما هو من أجل سعادة الإنسان وتكامله المترتبة عليه.
ج) إيمان الإنسان بهذه الصفة الإلهيّة يزيد من صبره وتحمله وقدرته ، ومقاومته في مواجهة المصائب والحوادث المرة ، وذلك لأنّه يدرك وجود حكمة معينة في كل واحدة منها ، وهذا الاحساس يعينه في التغلب على المشاكل المذهلة ، لأننا نعلم بأنّ الشرط الأول للتغلب على المشاكل هو التمتع بالمعنوية العالية ، والتي لا تتحقق إلّافي ظل معرفة حكمة الله تعالى.
د) وكما نعلم أنّ افضل مقام مرموق يبلغه الإنسان هو وصوله إلى مقام القرب منه تعالى ، ولا يتحقق القرب منه سبحانه إلّابالتخلق بأخلاقه تعالى والاقتباس من نور صفاته. والإيمان بحكمة الله تعالى يدعو الإنسان إلى سلوك طريق العلم والحكمة والتخلق بالأخلاق الإلهيّة ، ولعل هذا هو السر في تعبير القرآن عن الحكمة بعبارة (خيراً كثيراً) حيث قال : (وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ اوْتِىَ خَيْراً كَثِيراً). (البقرة / ٢٦٩)
ورد عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليهالسلام قوله : «الحكمة ضياء المعرفة وميراث التقوى وثمرة الصدق وما أنعم الله على عبدٍ من عباده نعمة أنعم وأعظم وأرّفعَ وأجْزلَ وأبْهى من الحكمة» (١).
ونختم كلامنا هذا بكلام العلّامة المجلسي رحمهالله ، والذي يوضح البحوث السابقة وخصوصاً البحث الأخير.
__________________
(١) بحار الانوار ، ج ١ ، ص ٢١٥ ، ح ٢٦.