ومن هنا يتضح الدليل على أنّه عزوجل حيٌّ وقيوم ، لأنّه عندما يكون علم الإنسان المحدود وقدرته الحقيرة دليلاً على حياة الإنسان ، فكيف بمن يكون علمه غير محدود وقدرته مطلقة؟ فلابدّ وأن تكون حياته أسمى وأكمل من غيره ، بل الحياة عين ذاته.
ب) علاوةً على هذا ، فهو سبحانه خالق الحياة ، فهل يُمكن أن يكون واهب الشيء مفتقر إليه!؟
وأمّا قيموميته التي قالوا في تفسيرها : (هو القائم بذاته المقوّم لغيره) ، فهي أيضاً من صفاته الملازمة لوجوب وجوده وخالقيته وربوبيته سبحانه.
وقد عدّ البعض مسألة حفظ سائر الموجودات وإعطائهم جميع حاجاتهم ضمن مفهوم «القيّوم» ، ولكنها لا تزيد على ما قُلناه بطبيعة الحال.
يقول المرحوم العلّامة «الطباطبائي» في تفسير «الميزان» : «اسم القيوم أمُّ الأسماء الاضافية الثابتة له تعالى جميعاً (صفات الفعل) وهي الأسماء التي تدل على معان خارجة عن الذات بوجه ، كالخالق والرازق والمبدأ والمعيد والمحيي والمميت والغفور والرحيم والودود وغيرها» (١).
وعليه يُعتبر ذِكر (ياحىُّ ياقيّوم) من الأذكار الإلهيّة الجامعة ، لأنّ صفة (الحي) هي الأساس لجميع صفات الذات أي العلم والقُدرة ، و (القيّوم) تضم جميع صفات الفعل.
نختم هذا الكلام بحديثٍ غني عن أمير المؤمنين علي عليهالسلام حيث قال : «لمّا كان يوم بدرٍ جئتُ أنظر مايصنع النبيُّ فإذا هو ساجد يقول ياحيّ ياقيوم فتردّدتُ مرّاتٍ وهو على حاله لايزيد على ذلك إلى أن فتح الله له» (٢).
ومن هذا الحديث نفهم الآثار المفيدة والمباركة لهذا الذكر الشريف لذا قال أمير المؤمنين عليهالسلام في الخطبة ١٦٠ من نهج البلاغة : «فلسنا نعلَمُ كُنه عظمتك إلّاإنّا نعلَمُ أَنّك حيُّ قيوم لا تأخذُكَ سِنَةٌ ولا نوم».
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج ٢ ، ص ٣٤٨.
(٢) تفسير روح البيان ، ج ١ ، ص ٤٠٠ ، في ذيل آية الكرسي الآية ٢٥٥ من سورة البقرة.