الباري كان نيابةً عن قومه أيضاً.
الثاني : أنّ موسى عليهالسلام كان يخشى من أنّ هذا المقدار من (النيابة عن بني اسرائيل) يُمكن أن يؤثر سلبياً على إيمانه وقدسية اعتقاده ، لذا فانّه أعلن توبته وإيمانه لتسمو قداسته قدر الإمكان.
وكذلك نجد أنّ الفخر الرازي غرق في دوّامة تعصُّبه أيضاً ، ولم ينكر دلالة الآية على استحالة رؤية الله تعالى فحسب ، بل أصّر في قوله على أنّ جوانب عديدة من الآية تدل على إمكانية الرؤية! ثمّ أدرج أموراً لا تستحق صرف الوقت لعرضها من جهة ، ولا هي أهلاً للإجابة عليها من جهةٍ أُخرى؟ وقد لاحظتم نماذج منها في تفسيره للآية الماضية.
* * *
ويتضح تفسير الآية الثالثة من خلال تفسير الآية الثانية ، ولزيادة التوضيح نضيف : إنّ الله سبحانه وتعالى عَّد طلب بني اسرائيل الذين قالوا لموسى عليهالسلام : (أَرِنَا اللهُ جَهْرَةً) ذنباً عظيماً وظلماً فاحشاً؟ وإنّه الذنب الذي أعقبه نزول العذاب الإلهي ، لذا قال الله تعالى : (يَسأَلُكَ أَهْلُ الكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيهِم كِتَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَقَد سَأَلُوا مُوسَى أَكبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ).
ماذا ارتكب اليهود من ظلم في هذا المجال؟ إنّهم اعتبروا ربّهم العظيم بمستوى موجودٍ جسماني مادّي ، وطلبوا مشاهدته.
وبسبب اساءتهم الأدب في اعتبارهم هذا أخذتهم الصاعقة لتكون عقوبةً وعبرةً لهم في نفس الوقت ، وليعلموا أنّهم عندما لا يقدرون على مشاهدة هذا المخلوق الإلهي الصغير الذي لا يساوي أكثر من شرارةٍ في عالم الوجود العظيم ، فكيف يُريدون مشاهدة خالق الشمس والقمر والنجوم وعالم الوجود!؟
إنّ هذه المسألة يستطيع كل واحدٍ أن يتوصل إليها بدون أن يطالع ويُحقق في قرائن الآية.