فَقَد سَأَلُوا مُوسَى أَكبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهرَةً فَأَخَذَتهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلمِهِم). (النساء / ١٥٣)
وقال أيضاً : (وَإِذْ قُلتُم يَا مُوسَى لَن نُّؤمِنَ لَكَ حَتّى نَرَى اللهَ جَهرَةً فَأَخَذَتكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُم تَنْظُرُونَ). (البقرة / ٥٥)
إنّ تعنت سفهاء بني اسرائيل هو الذي دفعهم لتوجيه مثل هذا السؤال إلى موسى عليهالسلام وكان عليهالسلام قام بنقل سؤالهم فقط ، ليسمعوا الجواب الإلهي الرادع.
وإن أصّر أمثال الفخر الرازي على كون هذا السؤال قد صدر من موسى عليهالسلام فاستفاد منه الفخر الرازي إمكانية رؤية الله تعالى البصريّة ، حيث يقول : «وإلّا لما سأل رسول عظيم كموسى عليهالسلام مثل هذا السؤال» ، فهو إصرار في غير محلّه ، وقد أبطلته الآيات أعلاه بوضوح.
عجيب حقّاً ، فبالرغم من أن الآية الشريفة تصرح : (لن تراني) وكون (لن) أداة للنفي الأبدي ، أي إنّك لن تراني أبداً ، وعدّت الآية هذا السؤال من قبل بني إسرائيل تعدّياً ووقاحةً ، وأنذرت بالصاعقة عقاباً عليه ، مع كلّ ذلك نجد أنّ جماعة من المتعصبين يُصرون على عدم دلالة الآية بأي شكلٍ على نفي رؤية الله ، بل بالعكس!
ويجب الإعتراف أنّ آفة التعصُّب آفة عجيبة بامكانها أن تحط حتى من مستوى عالمٍ كبير إذا أُصيب بها وتجعله يتوسل بأدلة غير منطقية وبعيدة عن العقل والصواب.
والنقطة الاخرى : هي أنّ المقصود من التجلي الإلهي في هذه الآية هي (الصاعقة) بذاتها ، والتي تُعد مخلوقاً من المخلوقات ، وشُعاعاً من الأفعال الإلهيّة ، وهي كناية عن أنّكم إذا لم تقدروا على رؤية الصاعقة التي تُعد شرارة صغيرة في هذا الوجود العظيم وما لها من تأثير عليكم ، حيث تكون مصحوبة بالهول والرعب ، فهي قادرة على أن تصرعكم جميعاً ، وتدكّ الجبل ، وتزلزل الأرض. فكيف تُريدون رؤية الذات الإلهيّة المنقطعة النظير؟!
والحقيقة إنّ التجلي الإلهي كان إجابةً وعقوبةً لهم في نفس الوقت!
وآخر الكلام هو : لماذا طلب موسى عليهالسلام التوبة من الباري بعد أن أفاق؟
إنّ هذا الطلب يُمكن أن يحملَ على احتمالين :
الأول : كما أنّ طلب موسى عليهالسلام الرؤية كان نيابةً عن بني اسرائيل فإنّ طلبه التوبة من