الخارجي عن الجسم المرئي ليدخل العين أو آلة التصوير فتطبع صورتهُ على شبكيّة العين أو فلم التصوير).
والعجيب أنّ الأشاعرة في مقابل هذا الكلام ـ وهو عدم إمكانية أي واحدٍ من المعنيَين المذكورين للرؤية بالنسبة إلى الله عزوجل المجرّد عن المادة ـ يقولون : لا تنحصر الرؤية بهذه الأمور ، خصوصاً عندما يدور الكلام حول رؤية الأمور الغيبيّة أو الغائبة!
فيمكن أن يرى الأعمى الأشياء التي تبعد عنه بفاصلة مكانية كبيرة ، فمثلا" يُمكن أن يرى عمارات الأندلس من هذه النقطة من العالَم!!
تدل هذه التعابير بوضوح على المغالطة اللفظية التي يستعملها هؤلاء ، واعتبارهم للرؤية مفهوماً مغايراً لما هو موجود في العرف واللغة.
فانْ كان مقصودهم من الرؤية ، الرؤية بعين القلب (البصيرة) والإدراك العقلي ، فهذا مااتفق عليه جميع العلماء ولا حاجة للجدال والمناقشة فيه.
وإن كان مقصودهم هو الرؤية بالعين الظاهريّة ، فهو لا يتحقق سوى بانعكاس نور الأجسام على شبكية العين.
وإن كان هناك نوع ثالث من الرؤية ، فهو ادّعاءٌ مبهم ، وغير معقول ، وغير قابل للتصوّر ، نعلم أنّ التصديق بلا تصوُّ ر أمر محال.
ويظهر أن الأشاعرة تخلّوا عن ادّعائهم تدريجياً عندما عجزوا عن الإتيان بدليلٍ واقعي ، واقتصروا على استعمال لفظ الرؤية فقط من دون أن يكون لها مفهومٌ غير المشاهدة بعين العقل ، لأننا عندما نقول : إنّ رؤية الله مجرّدة عن المكان والجهة وانعكاس صورة المرئي في العين ، وأنّ مثل هذه الرؤية قد تتحقق حتى عند الأعمى أيضاً ، فإنّها لا تعني سوى الرؤية الباطنية والقلبية.
والاغرب من ذلك هو أنّ البعض منهم قد جعلوا المسألة أكثر غموضاً فقالوا : إنّ الله يهب للمؤمنين حاسة سادسةً يوم القيامة ليتمكّنوا من رؤيته بها!
وبغض النظر عن كون التعبير بالحاسة السادسة تعبيراً مبهماً وغامضاً ، فإنّه لا يحل