والأشاعرة أيضاً لا يقولون بذلك ، لذا يجب أن يُحمَل على المعنى الكنائي.
وما يُستفاد من الآيات القرآنية المختلفة هو أن (يوم لقاء الله) ، كناية عن يوم القيامة الذي سيلقى الناس فيه الجزاء والحساب والقصاص الإلهي ، لذا فقد ورد في آيات متعددة بدلا" عن (لقاءالله) : (لِقاءَ يَومِهِم هَذَا). (الأعراف / ٥١)
أو (لِقاءَ يَومِكُم هذا). (السجدة / ١٤) (الجاثية / ٣٤)
وورد التعبير عنه في آيات اخرى بملاقاة يوم الحساب ويؤوّل باللقاء مثل : (انِّى ظَنَنْتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ). (الحاقّة / ٢٠)
لهذا فقد حمل الكثير من أرباب اللغة آيات لقاء الله على هذا المعنى.
يقول الراغب في المفردات : «ملاقاة الله عزوجل عبارة عن القيامة».
وكذلك يقول إبن الأثير في النهاية : «المراد بلقاء الله المسير إلى دار الآخرة».
وقد نقل ابن منظور في لسان العرب نفس هذا المعنى أيضاً.
ويُلاحظ نفس هذا المعنى في الروايات أيضاً ، كما ورد في الحديث النبوي أنّه صلىاللهعليهوآله قال : «من حلف على يمينٍ ليقتطع بها مال امرءٍ مسلم لَقِيَ الله وهو عليه غضبان» (١).
والظاهر أنّ التعبير عن القيامة ب (يوم لقاء الله) ينبع من هذا المعنى ، وهو : أنّ الإنسان ـ في ذلك اليوم ـ يشعر بالأمر الإلهي في كل مكان ، في الحساب ، في عرصة المحشر ، في الجنّة والنار ، ويتجلّى وجود الله عزوجل للجميع ، بحيث يراه المؤمن والكافر بعين القلب والبصيرة.
والعجب هو استدلال الأشاعرة بآياتٍ أُخرى لا تدلّ على مقصودهم أدنى دلالة ممّا يؤيد أنّهم مصرّون على تحميل الآيات القرآنية على آرائهم ، كالآية : (لِّلَّذِينَ أَحسَنُوا الحُسنَى وَزِيَادَةٌ). (يونس / ٢٦)
فقالوا : إنّ المقصود من (زيادة) رؤية الله!!
في حين عدم وجود أدنى إشارة في هذه الآية الشريفة على هذا المفهوم ، بل إنّ الآية
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٣ ، ص ٥١ ، ذيل الآية ٤٦ من سورة البقرة.