وعباده برفع أيديهم إلى السماء نحو العرش ، لأنّه جعله معدن الرزق ، فثبتنا ما ثبته القرآن والأخبار عن الرسول صلىاللهعليهوآله حيث قال : ارفعوا أيديكم إلى الله عزوجل ، وهذا يجمع عليه فرق الأمة كلها» (١).
ورد في الخصال عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، في حديثٍ آخر أنّه قال : «إذا فرغ أحدكم من الصلوة فليرفع يديه إلى السماء ، ولينصبّ في الدعاء. فقال ابن سبأ : ياأمير المؤمنين أليس الله عزوجل في كل مكان؟ قال : بلى ، قال : فلم يرفع يديه إلى السماء؟ فقال : أو ما تقرأ : وفي السماء رزقكم وما توعدون فمن أين تطلب الرزق إلّامن موضع الرزق وما وعد الله عزوجل في السماء» (٢).
وطبقاً لما جاء في هذه الروايات فإنّ أغلب أرزاق الناس تنزل من السماء ، (فالمطر الذي يُحيي الأرض الميتة ينزلُ من السماء ، ونور الشمس الذي يُعَدُّ منبعاً للحياة ، يشعُ من السماء ، والهواء الذي يُعد العامل المهم الثالث للحياة ، موجود في السماء ، فإنّ السماء عُرفَتْ كمعدنٍ للبركات والأرزاق الإلهيّة ، وتُرفَعُ الأيدي نحوها عند الدعاء طلباً ورجاءً من خالق ومالك كل تلك الأرزاق في حل المعضلات.
ويُستنتج من بعض الأخبار أيضاً أنّ هذا المفهوم لاينحصر بالمسلمين فقط ، بل كان موجوداً في بقية الأُمم كذلك ، كما نقل المرحوم (الفيض الكاشاني) في كتاب المحجّة البيضاء عن (مالك بن دينار) أنّه قال : أصاب الناس من بني اسرائيل قحط ، فخرجوا مراراً فأوحى الله تعالى إلى نبيّهم أن أخبرهم : «إنّما تخرجون إليَّ بأبدان نجسه ، وترفعون إليَّ اكفّاً قد سفكتم بها الدماء ، وملأتم بطونكم من الحرام الآن قد اشتد غضبي عليكم ولن تزدادوا منّي إلّابعداً» (٣).
ويستنتج من بعض الروايات وجود فلسفة اخرى لهذا العمل وهو إظهار الخضوع
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٣٣٠ ؛ توحيد الصدوق ، ج ١ ، ص ٢٤٨ ، الباب ٣٦.
(٢) بحار الأنوار ، ج ٩٠ ، ص ٣٠٨ ، ح ٧ ، وقد ورد الحديثان السابقان في تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٣) المحجة البيضاء ، ج ٢ ، ص ٢٩٨.