ومنها : (فَأَينَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجهُ اللهِ). (البقرة / ١١٥)
ومنها : (هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ الَهٌ وَفِى الأَرضِ إِلَهٌ). (الزخرف / ٨٤)
كيف يُتصوَّر انتقالُه من مكانٍ لآخر؟
علاوةً على أنّ التغيير ، والزوال ، والغروب ، والأفول ، والحاجة إلى المكان ، تعتبر من لوازم الانتقال.
والشاهد على هذا التفسير ، قوله تعالى : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ المَلَائِكةُ أَو يَأتِىَ أَمرُ رَبِّكَ). (أي الموت أو العذاب الإلهي). (النحل / ٣٣)
ولكن تُلاحظ تعابير من هذا القبيل في بعض الآيات القرآنية أيضاً مثل : (إِلَيهِ يَصعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ). (فاطر / ١٠)
و : (تَعْرُجُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيهِ). (المعارج / ٤)
و : (لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَآؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقوَى مِنكُم). (الحج / ٣٧)
ومن المسلَّم به أنّ جميع هذه التعابير تُشير إلى الصعود المعنوي ، والعروج الروحي ، والقرب الباطني ، بقرائن نفس الآيات ، لأنّ العمل ليس بالشيء الذي يصعد إلى السموات الظاهريّة ، وكذلك التقوى ليس لها عروج جِسْمانيّ ، (تأمل جيداً).
لكن الذين لاينتبهون إلى هذه الحقائق ويتقيّدون بالألفاظ فقط يسلكون طريق الخرافات ظنّاً بأنّهم يرون الحقيقة.
وقد وردت تعابير في بعض الآيات أيضاً تبيّن في الواقع عقيدة الكافرين ، لكن الجهلاء اتخذوها مبرراً للقول بوجود جسمٍ ومكانٍ لله تعالى من دون الإنتباه إلى ذلك ، فمثلاً نقرأ في قوله تعالى : (هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأتِيهُمُ اللهُ فِى ظُلَلٍ مِّنَ الغَمَامِ وَالمَلَائِكَةُ). (البقرة / ٢١٠)
(ماأسخفه من مُعتقَد وتصورٍ ساذجٍ).
وعليه فإنّ الإستفهام الموجود في الآية هو بالحقيقة استفهامٌ إستنكاري ، أي عدم إمكانية تحققُ مثل هذا الشيء (١).
__________________
(١) فسّر بعض المفسّرين الاستفهام الموجود في الآية بأنّه استفهام تحذيري ، وقدّروا كلمة (أمر) محذوفة كما مرّ ـ