التركيب ، والأخير يحتاج إلى الأجزاء بدوره ، (وهذا محال).
والآخر هو قول القرآن عن إبراهيم عليهالسلام : (لَآأُحِبُّ الآفِلِينَ). (الأنعام / ٧٦)
يُشير إلى حضوره تعالى في كل مكان ، فلو كان جالساً على عرشه للزم أن يكون غائباً ومختفياً دائماً ، وهذا عين الأفول!
ومن جهةٍ اخرى يشير القرآن الكريم في الآية ١٧ من سورة الحاقّة إلى حملة العرش من الملائكة ، وبناءً على معتَقد جماعة (المشبّهة) يستلزم أن يكون الله بحاجة إلى ملائكة العرش ليحفظوه! في حين أنّ الله على كل شيءٍ حفيظ.
علاوةً على كون جميع آيات التوحيد ونفي التشبيه من المحكمات ، ونحن نعلم بأنّ ما يلزم التوحيد ونفي الكفؤ عنه تعالى هو نفي الجزئية عنه بكل ألوانها ، وهذا لايتناسب مع استقراره في مكان معين .... (ودلائل اخرى) (١).
ومن جملة الآيات التي استعان بها هؤلاء الجماعة ، هي الآية ٢٢ من سورة الفجر ، فبعد أن شرح سبحانه حوادث نهاية الدنيا وقيام القيامة قال : (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالمَلَكُ صَفًّا صَفًّا).
طبعاً ، كما قال أكثر المفسّرين : إنّ المقصود من الآية هو مجي الأمر الإلهي لمحاسبة الناس ، أو حلول آيات عظمته ، لأنّ هذه الآيات والدلائل عظيمة لدرجة بحيث وكأنّ مجيئها يُعبّر عن مجي الذات الإلهيّة المقدّسة وتجلو كل أنواع الريب والشك من القلوب (٢).
من هنا فقد ورد بصريح العبارة في الآيات التي قرأناها سابقاً أنّ الله موجود في كل مكان ، ولا يخلو مكانٌ من ذاته المقدّسة ، ولا يسعه مكان في نفس الوقت : (وَهُوَ مَعَكُم أَيْنَ مَا كُنْتُم).
مع هذا فكيف يُمكن أن ينتقل من محلٍ لآخر ، كما استنتج (جماعة المشبهّة) من ظاهر كلمة (جاء) منها : (وَهُوَ مَعَكُم أَيْنَ مَا كُنتُم). (الحديد / ٤)
ومنها : (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَرِيدِ). (ق / ١٦)
__________________
(١) تفسير الكبير ، ج ٢٢ ، ص ٥.
(٢) تفاسير ، مجمع البيان ، الميزان ، القرطبي ، روح الجنان وغيرها.