لكننا نستبعد هذا المعنى لأنّ كلمة الشفيع تُعطي في مفهومها نوعاً من المساعدة والحماية والتكامل والتربية.
وتجدر الإشارة إلى وجود نوعين من الشفاعة : «تكوينيّة وتشريعيّة» ، فالشفاعة التشريعيّة هي ما عُرف من شفاعة شخصٍ وجيه عند صاحب حقٍّ لتخليص مذنبٍ من عقوبة معيّنة ، وأمّا الشفاعة التكوينيّة فهي ربوبيّة الله على الموجودات وسوقهم نحو التكامل وفق قوانين الخلق والتكوين.
وما توحي لنا هذه الصفة من بلاغٍ تربوي : هو الإنتباه إلى هذه الحقيقة ، وهي عدم جواز القنوط من لطف الله وعفوهِ ورحمته ، لأنّه يشفع عند ذاته المقدّسة لعباده أيضاً ، ويأمر الأنبياء والملائكة والأئمّة أيضاً ليشفعوا لمذنبي الأمم (طبعاً في المحل اللائق للشفاعة).
ومن المعلوم أنّ الإنتباه إلى هذه المسألة له أثر عميق في المنع من تكرار الذنب لكي يبقى الأمل في الشفاعة ، وتبقى قابليته لنيلها محفوظة. هذا من جهة ، ومن جهةٍ اخرى أنّها تعلّم العباد ليتأسّوا بذلك أيضاً ويشفعوا للنادمين والمحرومين والضعفاء.
وقد ورد في الحديث الشريف «إشفعوا تؤجروا» (١).
أمّا كلمة «وكيل» فهي مشتقّة من مادّة «وَكْل» ـ على وزن وصل ـ وهي في الأصل تعني الإعتماد على الآخرين ، ولكون لازمَ هذا المعنى الضعف والعجز في بعض الجوانب فقد أُطلقت كلمة (وكل) على الضعفاء والعاجزين ، ويُطْلق (وكال) على الدواب التي تسير دائماً في مؤخّرة القافلة أوالقطيع ، وكأنّها تعتمد في المسير على غيرها (٢).
وطبقاً لذلك فإنّ «وكيل» من يعتمد عليه ، ويلتجأ إليه الإنسان في حل مشاكله.
وعليه عندما تستعمل هذه الكلمة بخصوص الباري تعالى ـ كما قال المرحوم الصدوق في كتاب التوحيد : «فإنّها تعني حافظنا وحامينا ومعتمدنا وملجأنا ، نحن وجميع موجودات عالم الوجود» (٣).
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٨٤ ، ذيل الآية ٨٥ من سورة النساء.
(٢) مقاييس اللغة ؛ مفردات الراغب ؛ ولسان العرب.
(٣) توحيد الصدوق ، ص ٢١٥.